responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 402


ما يرغب فيه الأبرار فهو عندهم فضائل ، قد زهد فيه المقربون ، فهو عندهم حجاب ، ومن حقت عليه كلمة العذاب ، وسبق له من مولاه الختم بسوء الاكتساب ، لم ينفعه شيء ، فهو يعمل في بطالة لا أجر له ولا عاقبة قد نظر إليه نظرة بعد ، فهو يزداد بأعماله بعدا من قبل أن سوء الخاتمة قد تكون في وسط العمر ، فلا ينتظر بها آخره يوافق معصية تكون سببها كعند الخاتمة ، إذ هما في سبق العلم سواء ، فالخاتمة حينئذ فاتحة ، والوقتان واحد .
فإذا انقطعت الآجال وانتهت الأعمال تناهي في الإبعاد فحلّ في دار البعد . وقد روينا في الخبر « و الله لا يقبل الله تعالى من مبتدع عملا إنه ردّ على الله تعالى سننه فرد عليه عمله كلما ازداد اجتهادا ازداد من الله تعالى بعدا ، كما قال الحكيم :
من غص داوى بشرب الماء غصته * فكيف يصنع من قد غص بالماء بل كيف يصنع من أقصاه مالكه * فليس ينفعه طب الأطباء وعن مشاهدة هذا المعنى كان خوف الحسن البصري رحمه الله تعالى وحزنه ، لعلمه بأنه عزّ وجلّ لا يبالي ما فعل ، فخاف أن يقع بوصف الجبرية في ترك المبالاة ، وأن يجعله نكالا لأصحابه ، وموعظة لأهل طبقته .
ويقال إنه ما ضحك أربعين سنة وكنت إذا رأيته قاعدا كأنه أسير قدم ليضرب عنقه ، وإذا تكلم كأنه يعاين الآخرة فيخبر عن مشاهدتها ، وإذا سكت كأن النار تسعر بين عينيه ، وعوتب في شدة حزنه فقال : ما يؤمنني أن يكون قد اطلع عليّ في بعض ما يكره فمقتني ، فقال اذهب فلا غفرت لك ، فأنا أعمل في غير معمل ، فنحن أحق بهذا من الحسن رحمه الله ، ولكن ليس الخوف يكون لكثرة الذنوب . فلو كان كذلك لكنا أكثر خوفا منه ، إنما يكون لصفاء القلب وشدة التعظيم لله تعالى .
وقد بشر العلاء بن زياد العدوي بالجنة وكان من العباد فغلق عليه بابه سبعا ولم يذق طعاما ، وجعل يبكي ويقول : أنا في قصة طويلة ، حتى دخل عليه الحسن فجعل يعذله في شدة خوفه وكثرة بكائه ، فقال يا أخي من أهل الجنة إن شاء الله تعالى ، أقاتل نفسك ؟ فما ظنك برجل يعذله الحسن في الخوف ، وقد كان من فوقهم من عليه الصحابة يتمنون أنهم لم يخلقوا بشرا وقد بشروا بالجنة يقينا في غير خبر .
من ذلك قول أبي بكر رضي الله عنه : ليتني مثلك يا طير وأني لم أخلق بشرا ، وقول عمر رضي الله عنه : وددت أني كنت كبشا ذبحني أهلي لضيفهم . وأبو ذر رضي الله عنه

402

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 402
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست