نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 401
وروينا في أخبار الأنبياء : أن نبيا شكا إلى الله تعالى الجوع والقمل والعري سنين فأوحى الله تعالى إليه : أما رضيت أن عصمت قلبك أن تكفر بي حتى تسألني الدنيا ، فأخذ التراب فوضعه على رأسه وقال : بلى قد رضيت يا رب فاعصمني من الكفر فلم يذكر له نعمته عليه بنبوته وعرضه للكفر ، وجوز دخوله عليه بعد النبوة ، فاعترف النبي صلَّى الله عليه وسلم بذلك . ورضي به واستعصم . وقد كان عبد الواحد بن زيد إمام الزاهدين قبلهما يقول : ما صدق خائف قط ظن أنه لا يدخل النار وما ظن أن يدخل النار إلا خاف أن لا يخرج منها أبدا . وقد قال الحسن البصري رحمه الله تعالى إمام العلماء قبلهم : يخرج من النار رجل بعد ألف عام ويا ليتني ذلك الرجل ، هذا لشدة خوفه من الخلود في الأبدية ، قال فبعد أن أخرج منها بوقت لا أبالي . والعدو يدخل على العارفين من طريق الإلحاد في التوحيد والتشبيه في اليقين والوسوسة في صفات الذات ، ويدخل على المريدين من طريق الآفات والشهوات ، فلذلك كان خوف العارفين أعظم ، ومن قبل أن العدو يدخل على كل عبد من معنى همه فيشككه في اليقين كما يزين له الشهوات ، فأرواحهم معلقة بالسابقة ما ذا سبق لهم من الكلمة ، هناك مشاهدتهم ، ومن ثم فزعهم . لا يدرون أسبق لهم قدم صدق عند ربهم فيختم لهم بمقعد صدق ، فيكونون ممن قال تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) * [ الأنبياء : 101 ] ويخافون أن يكونوا قد حقت عليهم الكلمة ، فيكونون ممن قال فيهم الرسول صلَّى الله عليه وسلم : « يقول الله سبحانه وتعالى هؤلاء في النار ولا أبالي » فلا ينفعهم شفاعة شافع ، ولا ينقذهم من النار دافع ، كما قال مولاهم الحق : * ( أَ فَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَ فَأَنْتَ تُنْقِذُ من في النَّارِ ) * [ الزمر : 19 ] وكقوله تعالى : * ( ولكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ ) * [ السجدة : 13 ] فهذه الآية ومعناها تخويف لأولي الأبصار . وقال عالمنا رحمه الله في قوله تعالى : * ( وإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ) * [ البقرة : 41 ] عموم أي فيما نهيت عنه : وقوله تعالى * ( وإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) * [ البقرة : 40 ] أي في السابقة وهذا خصوص . وقد نوع بعض العارفين خوف المؤمنين على مقامين فقال : قلوب الأبرار معلقة ، بالخاتمة يقولون : ليت شعري ما ذا يختم لنا به ؟ وقلوب المقربين معلقة بالسابقة يقولون : ليت شعري ما ذا سبق لنا به ؟ وهذان المقامان عن مشاهدتين : إحداهما أعلى وأنفذ من الأخرى لحالين : أحدهما أتم وأكمل ، فهذا كما قيل ذنوب المقربين حسنات الأبرار : أي
401
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 401