responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 400


وأكثر ما يقع سوء الخاتمة لثلاث طوائف من الناس : أهل البدع والزيغ في الدين ، لأن إيمانهم مرتبط بالمعقول ، فأول آية تظهر لهم من قدرة الله تعالى أن يطيح عقله عند شهودها فيذهب إيمانه ولا يثبت لمعاينتها ، كما تحترق الفتيلة فيسقط المصباح .
والطبقة الثانية أهل الكبر والإنكار لآيات الله عزّ وجلّ وكراماته لأوليائه في الحياة الدنيا ، لأنهم لم يكن لهم يقين يحمل القدرة ويمده الإيمان ، فيعتورهم الشك ويقوى عليهم لفقد اليقين .
والطبقة الثالثة ثلاثة أصناف : متفرقون متفاوتون في سوء الخاتمة ، وجميعهم دون تينك الطائفتين في سوء الخاتمة ، لأن سوء الختم على مقامات أيضا كمقامات اليقين والشرك في عمر الحياة ، منهم المدعي المتظاهر الذي لم يزل إلى نفسه وعمله ناظرا ، والفاسق المعلن ، والمصرّ المدمن ، يتصل بهم المعاصي إلى آخر العمر ، ويدوم تقلبهم فيها إلى كشف الغطاء . فإذا رأوا الآيات تابوا إلى الله تعالى بقلوبهم ، وقد انقطعت أعمال الجوارح فليس يتأتى منهم ، فلا تقبل توبتهم ، ولا تقال عثرتهم ، ولا ترحم عبرتهم ، وهم من أهل هذه الآية . * ( ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ : إِنِّي تُبْتُ الآنَ ) * [ النساء : 18 ] فهم مقصودون بقوله عزّ وجلّ : * ( وحِيلَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ ) * [ سبأ : 54 ] وهم معنيون بمعنى قوله تعالى : * ( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا : آمَنَّا بِالله وَحْدَهُ ) * [ غافر : 84 ] . فنصوص الآية للكفار ومعناها ومقام منها لأهل الكبائر وذوي الإصرار من الفاسقين الزائغين ، من حيث اشتركوا في سوء الخاتمة ثم تفاوتوا في مقامات منها ، تظهر لهم شهوات معاصيهم ، ويعاد عليهم تذكرها ، لخلو قلبهم من الذكر والخوف حتى يختم لهم بشهادتها ، فهذه الأسباب تجلب الخوف وتقطع قلوب ذوي الألباب .
وقد كان أبو محمد سهل رحمه الله يقول : المريد يخاف أن يبتلي بالمعاصي ، والعارف يخاف أن يبتلي بالكفر .
وكذلك قال أبو يزيد رحمه الله تعالى قبله : إذا توجهت إلى المسجد كان في وسطي زنار أخاف أن يذهب بي إلى البيعة وبيت النار حتى أدخل المسجد فيقطع عني الزنار ، فهذا لي في كل يوم خمس مرات ، هذا لعلمهم بسرعة تقلَّب القلوب في قدرة علام الغيوب .
وقد روينا معنى ذلك عن عيسى عليه السلام أنه قال : يا معشر الحواريين أنتم تخافون المعاصي ونحن معشر الأنبياء نخاف الكفر .

400

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 400
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست