responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 394


ينتفع به . ويشتد عنده حياؤه ، ويروح به كروبهم ، وترتاح إليه عقولهم ، فهؤلاء يستخرج منهم الرجاء وحسن الظن من العبادات ما لا يستروحه الخوف ، إذ المخاوف تقطع عن أكثر المعاملات ، فصار الرجاء طريقا لأهله ، وصاروا رائجين به كما قال عمر رضي الله عنه :
رحم الله صهيبا لو لم يخف الله تعالى لم يعصه : أي يترك المعاصي للرجاء لا للخوف ، فصار الرجاء طريقه ، فهؤلاء هم الراجون حقا وهذه علامتهم ، ولمثل هذا ذكرنا الأسباب التي توجب الرجاء ، وتولد حسن الظن في قلوب أهل الصفاء .
ومن الرجاء تحسين الأخلاق مع الخلق ، وجميل الصبر عليهم ، وحسن الصفح ، ولطيف المداراة لهم تقربا إلى الله عزّ وجلّ بذلك ، وتخلقا بأخلاقه رجاء ثوابه . وطمعا في تنجيز وعده ، واتباعا لسنة رسوله صلَّى الله عليه وسلم .
ومن الرجاء ترك الأهواء الرديئة ، والشهوات المطغية ويحتسب في ذلك على الله نفيس الذخائر العالية .
فقد روينا عن حميد عن أنس قال : مقابل عرش الرحمن غرفة يرسل إليها جبريل عليه السلام ، فإذا انتهى إليها خر لله ساجدا ، ثم يقول : يا رب لمن خلقت هذه ، لأي نبي ؟
لأي صديق ؟ لأي شهيد ؟ قال : فيرد عليه عزّ وجلّ : لمن آثر هواي على هواه .
ومن الرجاء افتعال الطاعات ، وحسن الموافقات ، ينوي بها ، ويسأل مولاه الكريم عظيم الرغائب ، وجليل المواهب ، لما وهب له من حسن الظن به .
كما روي عن النبي صلَّى الله عليه وسلم : إذا سألتم الله تعالى فأعظموا الرغبة ، وسلوه الفردوس الأعلى ، فإن الله عزّ وجلّ لا يتعاظمه شيء » .
وفي حديث آخر « فأكثروا وسلوا الدرجات العلى ، فإنما تسألون جوادا كريما » . وفي الآثار « أن رجلين كانا من العابدين متساويين في العبادة ، فإذا دخلا الجنة رفع أحدهما في الدرجات العلى على صاحبه ، فيقول الآخر : يا رب ما كان هذا في الدنيا بأكثر عبادة لك مني فرفعته علي في عليين ، فيقول الله سبحانه وتعالى : إنه كان يسألني في الدنيا الدرجات العلى وكنت أنت تسألني النجاة من النار ، فأعطيت كل عبد سؤله » .
وروينا في الخبر عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : « أن رجلا يخرج من النار فيوقف بين يدي الله تعالى ، فيقول له : كيف وجدت مكانك ؟ فيقول : يا رب شر مكان ، فيقول : ردوه إلى مكانه ، قال : فيمشي ويلتفت إلى ورائه ، فيقول الله عزّ وجلّ : إلى أي معنى تلفت ؟ فيقول

394

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 394
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست