responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 393


والأخبار فيما يوجب الرجاء وحسن الظن أكثر من أن تجمع ولم نقصد جمعها ، وإنما دللنا بقليل على كثير ، ونبهنا عقول ذوي التبصير . وقد قال الله سبحانه وتعالى :
* ( يا أَيُّهَا الإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) * [ الانفطار : 6 ] فنبه العبد مع غرته على كرمه ، وذكره مع جهله حسن تسويته إياه بتعديله ، يدل على نعمته .
وروينا عن الضحاك « إن العبد ليدنو من ربه تبارك وتعالى عند العرض فيقول : عبدي أ تحصي عملك ؟ فيقول : إلهي كيف أحصيه من دونك وأنت الحافظ للأشياء ، فيذكره الله تعالى جميع ذنوبه في الدنيا في ساعاتها ، فيقول : أنت عبدي فقر بما عرفتك وذكرتك ، فيقول نعم سيدي ، فيقول الله سبحانه أنا الذي سترتها عليك في الدنيا ، فلم أجعل للذنوب رائحة توجد منك ، ولم أجعل في وجهك شينها ، وأنا أغفرها لك اليوم على ما كان منك ، بإيمانك بي وتصديقك المرسلين » وروينا عن محمد الحنفية عن أبيه علي كرم الله وجهه قال : « لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم * ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) * [ الحجر : 85 ] قال : يا جبريل وما الصفح الجميل ؟ قال : يا محمد إذا عفوت عمن ظلمك فلا تعاتب ، ثم قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : يا جبريل فاللَّه مع كرمه تعالى أولى أن لا يعاتب من عفا عنه ، قال فبكى جبريل وبكى النبي صلَّى الله عليه وسلم ، فبعث الله عز وجل إليهما ميكائيل فقال : إن ربكما يقرئكما السلام ويقول لكما :
كيف أعاتب من عفوت عنه ، هذا ما لا يشبه كرمي » .
ومن الرجاء شدة الشوق إلى ما شوق إليه الكريم وسرعة التنافس في كلّ نفيس ندب إليه الرحيم ، فأما الرجاء الذي هو همة جملة الناس من الإقامة في المعاصي والانهماك في الخطايا وهو يرجو المغفرة وينتظر الكرامة ، فليس هذا برجاء عند العلماء ، لأن الرجاء مقام من اليقين ، وليس هذا وصف الموقنين ، لأن هذا اسمه هو اغترار باللَّه تعالى ، وغفلة عن الله تعالى ، وجهل بأحكام الله تعالى .
وقد تهدد الله تعالى قوما ظنوا مثل هذا ، وأصروا على حب الدنيا والرضا بها ، وتمنوا المغفرة على ذلك ، فسماهم خلفا ، والخلف : الرديء من الناس ، وتوعدهم بشديد البأس في قوله عزّ وجلّ : * ( فَخَلَفَ من بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأَدْنى ويَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا ) * [ الأعراف : 169 ] والأخبار في حقيقة الرجاء تزيد المغترين اغترارا وتزيد المستدرجين بالستر والنعيم خسارا ، وهي مزيد للتوابين الصادقين ، وقرة عين المحبين المخلصين ، وسرور لأهل الكرم والحياء ، وروح ارتياح لذوي العصمة والوفاء ،

393

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 393
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست