responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 395


له : يا رب قد رجوت أن لا تعيدني إليها بعد إذ أخرجتني منها ، فيقول تعالى : اذهبوا به إلى الجنة » فقد صار الرجاء طريقه إلى الجنة ، كما كان الخوف طريق صاحبه في الدنيا إليها .
كما روينا : إن الآخر سعى مبادرا إلى النار لما قال : ردّوه فقيل له في ذلك . فقال :
لقد ذقت من وبال معصيتك في الدنيا ما خفت من عذابه في الآخرة فقيل : اصرفوه إلى الجنة . وقال الله سبحانه في وصف قوم : * ( أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ ) * [ الإسراء : 57 ] فطرق لأوليائه من القرب والوسيلة الرجاء . كما طرق الخوف منه إليها . وهذا أحد الوجهين في الآية لمن لم يجعله وصفا للأصنام لأنها قرئت بالتاء تدعون قرأها طلحة بن مصرف . فكذلك ندب المؤمنين إلى طلب القرب منه في قوله عزّ وجلّ : * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) * [ المائدة : 35 ] .
فهذه جملة أحكام الرجاء وأوصاف الراجين . فمن تحقّق بجميعها فقد استحق درجات أهل الرجاء ، وهو عند الله تعالى من المقرّبين ، ومن كان فيه وصف من هذه الأوصاف فله مقام من الرجاء .
واعلم أن مقام اليقين لا يزيل بعضها بعضا ولكن يندرج بعضها في بعض . فمن غلب عليه حال مشاهدته وصف بما غلب عليه واستمر بما سوى ذلك من المقامات فيه ، ومن عمل بشرط مقام منها وقام بحكم الله تعالى فيه نقل إلى ما سواه ، وكان المقام الأول له علما والثاني الذي أقيم فيه له وجدا . فكتم الوجد لأنه سرّه وعبّر عن العلم لأنه قد جاوزه فصار له علانية .
ومقام الرجاء هو جند من جنود الله عزّ وجلّ يستخرج من بعض العباد ما لا يستخرج غيره لأن بعض القلوب تلين وتستجيب عن مشاهدة الكرم والإحسان وتقبل وتطمئن بمعاملة النّعم والإحسان ما لا يوجد ذلك منها عند التخويف والترهيب بل قد يقطعها ذلك ويوحشها إذ قد جعل الرجاء طريقها فوجدت فيه قلوبها .
ومثل الرجاء في الأحوال مثل العوافي والغنى في الإنسان من يقبل قلبه ويجتمع همّه عندهما ويوجد نشاطه وتحسن معاملته بهما .
كما روينا عن الله سبحانه وتعالى : إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك ومن عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك . إني أدبر عبادي بعلمي . إني بهم خبير . فكذلك من عبادي من لا يصلحه إلا الرجاء ولا يستقيم

395

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست