responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 390


الغيوب . فسبحان من لا نهاية لقدرته ولا حدّ لعظمته ولا أمد لسلطانه . وكذلك شهدوا ما سمعوا من قوله عزّ وجلّ : * ( إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً ) * [ الإسراء : 44 ] . وقال : * ( وكانَ الله عَلِيماً حَلِيماً ) * [ الأحزاب : 51 ] . فعلموا أن المغفرة على سعة الحلم ، كما أن الحلم سعة العلم . فلما رأوا عظيم حلمه رجوا عظيم مغفرته . ولما شهدوا كثيف ستره أملوا جميل عفوه ، وكذلك يقال : إن حملة العرش يتجاوبون بأصوات سبحانك على حلمك بعد علمك . سبحانك على عفوك بعد قدرتك . فللراجين من العارفين فهو من السمع للكلام نحو علوّ نظرهم عن سموّ علومهم بمعاني الصفات . وكل صاحب مقام يشهد من مقامه ويسمع من حيث شهادته ، فأعلاهم شهادة الصديقون ، ثم الشهداء ثم الصالحون ، ثم خصوص المؤمنين . فبه تبارك وتعالى استدلوا عليه ، ومنه إليه نظروا . هم درجات عند الله والله بصير بما يعلمون . وكان سهل رضي الله عنه يقول : المحسن يعيش في سعة الرحمة والمسيء يعيش في سعة الحلم . وصفاته تبارك وتعالى كاملات . فمن شهد ترجيح بعضها على بعض دخل عليه النقص من مشاهدته لقصور علمه عن تمام علم من فوقه من الشهداء ، ولأجل مقامه المراد به دون طريق الصدّيقين من الأقوياء . فعاد ذلك على العبد فصار ذلك مقاما له في القرب والبعد تعالى وصف المشهود عن النقصان والحدّ . ومثل الرجاء من الخوف مثل الرخصة في الدين من العزائم . وقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : إن الله يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه . وفي لفظ آخر أبلغ من هذا : وأؤكد أن الله يحب أن يقبل رخصه كما يكره أن يؤتى معاصيه .
وروي عن النبي صلَّى الله عليه وسلم : إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق : ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله تعالى ، وخير الدين أيسره . وقال هلك المتعمّقون ، هلك المتنطَّعون . وقال عليه الصلاة والسلام : بعثت بالحنيفية السهلة السمحة . وقال صلَّى الله عليه وسلم : أحبّ أن يعلم أهل الكتاب أن في ديننا سماحة ، وقال الله عزّ وجلّ : * ( ويَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ والأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ ) * [ الأعراف : 157 ] . واستجاب للمؤمنين في قولهم : ربّنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا . فقال عزّ وجلّ : قد فعلت ، فهذه العلوم هي أسباب قوّة الرجاء في أولي الألباب كيف وقد جاء ما يغلب حكم الرجاء من غير اغترار ما روي عن الله تعالى أنا إلى الرحمة والعفو أقرب مني إلى العقوبة . وفي الخبر : إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم بما يفزعهم ويشق عليهم ، وفي كلام لعلي رضي الله عنه : إنما العالم الذي لا يقنط الناس من رحمة الله تعالى ولا يؤمنهم مكر الله تعالى . وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى داود عليه السلام : ما لك وحدانيّا ؟ قال : عاديت الخلق فيك . قال : أما علمت

390

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 390
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست