responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 386


لمقت الله في الدنيا على معاصيه أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم في العذاب ، كما أن رضاه غدا تنعيمهم في جنته كذلك رضاه اليوم عملهم بطاعته ومرضاته ، وهذا وصف عبد مراد مكاشف بعلم اليقين .
ومن هذا حديث زيد الخيل إذ قال للنبي صلَّى الله عليه وسلم : جئتك أسألك عن علامة الله تعالى فيمن يريد وعلامته فيمن لا يريد فقال : كيف أصبحت فقال : أصبحت أحبّ الخير وأهله وإذا قدرت على شيء منه سارعت إليه وأيقنت بثوابه وإذا فاتني شيء منه حزنت عليه وحننت إليه فقال صلَّى الله عليه وسلم : هذه علامة الله تعالى فيمن يريد ولو أرادك للأخرى هيأك لها ، ثم لم يبال في أي أوديتها هلكت . ومن الرجاء التلذذ بدوام حسن الإقبال والتنعّم بمناجاة ذي الجلال وحسن الإصغاء إلى محادثة القريب والتلطَّف في التملق للحبيب وحسن الظنّ به في العفو الجميل ومنال الفضل الجزيل . وقال بعض العارفين : للتوحيد نور وللشرك نار ، ونور التوحيد أحرق لسيئات المؤمن من نار الشرك لحسنات المشرك ، ولما احتضر سليمان التيمي قال لابنه : يا بني حدثني بالرخص واذكر لي الرجاء حتى ألقى الله تعالى على حسن الظنّ به . وكذلك لما حضر سفيان الثوري رضي الله عنه الوفاة جعل العلماء حوله يرجونه .
وحدثنا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال لابنه عند الموت : اذكر لي الأخبار التي فيها الرجاء وحسن الظنّ ، فلو لا أن الرجاء وحسن الظنّ من فواضل المقامات ما طلبه العلماء في آخر الأوقات عند فراق العمر ولقاء المولى لتكون الخاتمة به وهم يسألون الله حسن الخاتمة طول الحياة . ولذلك قيل : إن الخوف أفضل ما دام حيّا فإذا حضر الموت فالرجاء أفضل . وقد كان يحيى بن معاذ رحمه الله تعالى يقول في مقامات الرجاء : إذا كان توحيد ساعة يحبط ذنوب خمسين سنة فتوحيد خمسين سنة ما ذا سيصنع بالذنوب ؟ .
وقال أبو محمد سهل رضي الله عنه : لا يصبح الخوف إلا لأهل الرجاء . وقال مرّة :
العلماء مقطوعون إلا الخائفين ، والخائفون مقطوعون إلا الراجين ، وكان يجعل الرجاء مقاما في المحبة وهو عند العلماء أوّل مقامات المحبة ، ثم يعلو في الحبّ على قدر ارتفاعه في الرجاء وحسن الظن . وروينا عن النبي صلَّى الله عليه وسلم أحاديث في الرجاء لا يصلح ذكرها لعموم الناس ولكن نذكر من ذلك ما ظهر خلق الله تعالى لجهنم من فضل رحمته سوطا يسوق الله عزّ وجلّ به عباده إلى الجنة . وخبر آخر ، يقول الله تعالى : إنما خلقت الخلق ليربحوا عليّ ولم أخلقهم لأربح عليهم . وفي حديث عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلم : ما خلق الله تعالى شيئا إلا جعل له ما يغلبه وجعل رحمته تغلب غضبه .
والخبر المشهور : إن الله تعالى كتب على نفسه قبل أن يخلق الخلق : إن رحمتي

386

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 386
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست