نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 379
بيته لأوليائه إجلالا لهم فشرّف البيت بهم . وفي الخبر عن الله تعالى : من أهان وليّا فقد بارزني بالمحاربة وأنا الثائر لوليي في الدنيا والآخرة . وفي أخبار يعقوب عليه السلام أن الله تعالى أوحى إليه : تدري لم فرقت بينك وبين يوسف عليه السلام هذه المدة ؟ قال : لا قال : لقولك لإخوته أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ، لم خفت الذئب عليه ولم ترجني له ، ولم نظرت إلى غفلة إخوته ولم تنظر إلى حفظي له ، ومن سبق عنايتي بك أن جعلت نفسي عندك أرحم الراحمين ، فرجوتني ولو لا ذلك لكنت أجعل نفسي عندك أبخل الباخلين . فالرجاء هو اسم لقوّة الطمع في الشيء بمنزلة الخوف اسم لقوّة الحذر من الشيء . ولذلك أقام الله تعالى الطمع مقام الرجاء في التسمية وأقام الحذر مقام الخوف فقال : علت كلمته : * ( يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وطَمَعاً ) * وقال تعالى : * ( يَحْذَرُ الآخِرَةَ ويَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ ) * وهو وصف من أوصاف المؤمنين وخلق من أخلاق الإيمان لا يصحّ إلا به كما لا يصحّ الإيمان إلا بالخوف . فالرجاء بمنزلة أحد جناحي الطير لا يطير إلا بجناحيه ، كذلك لا يؤمن من لا يرجو من آمن به ويخافه وهو أيضا مقام من حسن الظن باللَّه تعالى وجميل التأميل له ، فلذلك أوصى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقال : لا يموتن أحدكم إلا وهو حسن الظن باللَّه تعالى لأنه قال عن الله تعالى : أنا عند ظنّ عبدي بي فليظنّ بي ما شاء . وكان ابن مسعود رضي الله عنه يحلف باللَّه تعالى ما أحسن عبد باللَّه تعالى ظنّه إلا أعطاه الله تعالى ذلك لأن الخير كله بيده أي فإذا أعطاه حسن الظن باللَّه تعالى فقد أعطاه ما يظنه لأن الذي حسن ظنه به هو الذي أراد أن يحققه له . وروينا عن يوسف بن أسباط قال : سمعت سفيان الثوري رضي الله عنه يقول في قوله تعالى : * ( وأَحْسِنُوا إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) * [ البقرة : 195 ] قال : أي أحسنوا باللَّه تعالى الظنّ . وكذلك دخل رسول الله على الرجل وهو في سياق الموت فقال : كيف تجدك ؟ فقال : أجدني أخاف ذنوبي وأرجو رحمة ربي . فقال عليه السلام : ما اجتمعا في قلب عبد في هذا الموطن إلا أعطاه الله تعالى ما رجا وأمنه مما يخاف . ولذلك قال عليّ كرّم الله وجهه للرجل الذي أطار الخوف عقله حتى أخرجه إلى القنوط فقال له : يا هذا أ يأسك من رحمة الله تعالى أعظم من ذنبك ؟ صدق رضي الله عنه لأن الأياس من روح الله تعالى الذي يستريح إليه المكروب من الذنوب والقنوط من رحمة الله تعالى التي يرجوها المبتلى بالذنوب أعظم من ذنوبه وهو أشد من جميع ذنوبه لأنه قطع بهواه على صفات الله تعالى المرجوّة وحكم على كرم وجهه بصفته المذمومة فكان ذلك من أكبر الكبائر وإن كانت ذنوبه كبائر .
379
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 379