نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 378
في قلب صاحب اليمين من الرحمة للعبد أضعاف ما جعل في قلب صاحب الشمال مع أنه أمره عليه ، فإذا عمل العبد حسنة فرح بها ملك اليمين ، ويقال : فرح بها الملائكة فيكتب للعبد بفرحه الحسنات . وروينا في حديث أنس بن مالك الطويل : إذا أذنب العبد ذنبا كتب عليه ، فقال الأعرابي : فإن تاب ؟ محي من صحيفته . قال : فإن عاد ؟ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يكتب عليه ، قال الأعرابي : فإن تاب ؟ قال محي من صحيفته . قال : إلى متى يا رسول الله ؟ قال : إلى أن يستغفر : ويتوب إلى الله تعالى . وأن الله لا يملّ من المغفرة حتى يملّ العبد من الاستغفار ، فإذا هم العبد بحسنة كتبها صاحب اليمين حسنة قبل أن يعملها فإذا عملها كتبها عشر حسنات ثم ضاعفها الله عزّ وجلّ إلى سبعمائة ضعف ، وإذا همّ بخطيئة لم تكتب عليه فإن عملها كتبت خطيئة واحدة وراءها حسن عفو الله تعالى : وجاء رجل إلى النبي صلَّى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني لا أصوم إلا الشهر لا أزيد عليه ولا أصلي إلا الخمس لا أزيد عليهنّ وليس لله تبارك وتعالى في مالي صدقة ولا حجّ ولا أتطوع أين أنا إذا مت ؟ فقال النبي صلَّى الله عليه وسلم : في الجنة . قال : يا رسول الله معك فتبسم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وقال نعم معي إن حفظت قلبك من اثنين الغل والحسد ولسانك من اثنين : الغيبة والكذب ، وعينك من اثنين : النظر إلى ما حرم الله تعالى وأن تزدري بهما مسلما دخلت معي الجنة على راحتي هاتين . وروينا في الخبر الطويل عن أنس رضي الله عنه : أن الأعرابي قال : يا رسول الله من يلي حساب الخلق ؟ قال : الله عزّ وجلّ قال : هو بنفسه ؟ قال : نعم . قال : فتبسم الأعرابي فقال النبي صلَّى الله عليه وسلم : ممّ ضحكت يا أعرابي ؟ فقال : إن الكريم إذا قدر عفا وروي تجاوز ، وإذا حاسب سامح . فقال النبي صلَّى الله عليه وسلم : صدق ألا ولا كريم أكرم من الله عزّ وجلّ هو أكرم الأكرمين . ثم قال عليه السلام : فقه الأعرابي . وفيه أيضا : إن الله تبارك وتعالى شرف الكعبة وعظمها ، ولو أن عبدا هدمها حجرا حجرا ثم أحرقها ما بلغ جرم من استخف بوليّ من أولياء الله تعالى . قال الأعرابي من أولياء الله ؟ قال : المؤمنون كلهم أولياء الله تعالى ، أما سمعت الله تعالى يقول : * ( الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ من الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ) * [ البقرة : 257 ] . وفي الخبر المفرد عن النبي صلَّى الله عليه وسلم : المؤمن أفضل من الكعبة ، والمؤمن طيب طاهر والمؤمن أكرم على الله تعالى من الملائكة . وفي الخبر المشهور عن عبد الله ابن عمرو وأبي هريرة رضي الله عنهما وكعب الأحبار أنه نظر إلى الكعبة فقال : ما أشرفك وما أعظمك ! وللمؤمن أعظم حرمة عند الله منك . وقد أمر الله سبحانه وتعالى أنبياءه بتطهير
378
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 378