نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 367
من الشرّ لأن النفوس كنفس واحدة في الأمر بالسوء والمشيئة والقدرة واحدة فقد رحمك بما صرف عنك من السوء فذلك من فضل الله تعالى عليك فمعرفته بذلك شكر منك لله تعالى وأكثر عقوبات الخلق من قلة الشكر على النعم وأصل قلة الشكر الجهل بالنعمة ، وسبب الجهل بالنعمة قصور العلم باللَّه تعالى وطول الغفلة عن المنعم وترك التفكر في نعمه والتذكر لآلائه . ومنه سبحانه وتعالى فقد أمر بذلك في قوله تعالى : * ( فَاذْكُرُوا آلاءَ الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) * [ الأعراف : 69 ] قيل : نعمه . وقال المفسرون : واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به وبمعناه قوله تعالى : * ( ولِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ولِتُكَبِّرُوا الله عَلى ما هَداكُمْ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) * [ البقرة : 185 ] . يعني على نعمة الهداية وتوفيق الطاعة فإذا جهل العبد النعمة لم يعرفها ، وإذا لم يعرفها لم يشكر عليها وإذا لم يشكر عليها انقطع مزيده ، ومن انقطع عنه المزيد فهو في نقصان ما ادّعى وأيضا فإن من لم يشكر النعم لجهله بها لم يؤمن عليه كفرها . فإن كفرها أدركه العذاب الشديد للوعيد إلا أن تداركه نعمة من ربه وأصول نعم المرافق للأحراث أربعة ، أوّلها : النطفة التي أخرجت من خزانة الأرحام جميع البهائم والأنام ، ثم الحرث الذي أخرج من خزانة الأرض جميع الثمر ، ثم الماء الذي لنا منه شراب ومنه شجر ، ثم النار التي فيها ضياء ومصالح الأطعمة وبها لأهل البصائر تذكرة . وهذه النّعم هي التي ذكرها المنعم في آخر سورة الواقعة وأضافها إلى نفسه عزّ وجلّ ولم يجعل فيه شريكا معه وفتح للعباد العمال أبوابها . ومن أفضل النّعم وأجلَّها نعمة الإيمان به سبحانه وتعالى ، ثم نعمة الرسول ، ثم نعمة القرآن ، ثم أن جعلنا من خير أمة أخرجت للناس . وقبل ذلك أول نعمة عقلناها أن جعلنا موجودين دون سائر المعدومات ، ثم جعلنا حيوانا دون سائر الموات ، ثم جعلنا بشر دون سائر الحيوان ثم جعلنا ذكورا دون الإناث ، ثم صوّرنا في أحسن تقويم ثم عوافي القلوب من الزيغ عن السنة ومن الميل إلى دواعي النفس الأمّارة ، ثم صحة الأجسام ثم كشف الستر ، ثم حسن الكفاية لحاجة ، ثم صنوف ما أظهر من الأزواج للأقوات ، ثم تسخير الصنعة لنا ممّا بين السماء والأرض ، فهذه أمهات النعم فكلَّما كثرت هذه المعاني وحسنت كثر الشكر عليهما فعظيم النّعم بها . * ( وإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ الله لا تُحْصُوها ) * [ إبراهيم : 34 ] وكان أبو محمد سهل رحمه الله يقول : خصّ بمعرفة النّعم وبمعرفة عظيم حلم الله تعالى وستره الصديقون .
367
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 367