responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 366


عظيم قدر الإسلام في قلوبهم ونفيس مكانه عندهم فعظمت النعمة به عليهم فمعرفتهم بذلك هو شكرهم فصار الخوف والإشفاق طريقا لهم في الشكر للرازق .
وقد جعل الله تعالى ذلك نعمة وكل نعمة تقتضي شكرا في قوله تبارك وتعالى :
* ( قالَ رَجُلانِ من الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمَا ) * [ المائدة : 23 ] قال بعض المفسرين :
أنعم الله عليهما بالخوف وهذا أحد وجهي الكلام ولو لم يشكر العبد مولاه إلا أنه تبارك وتعالى على هذه الأوصاف والأخلاق التي هي صفاته وأخلاقه من نهاية الكرم والجود الذي لا غاية له ومن غاية التفضّل والحلم الذي لا نهاية له . فلما كان تبارك وتعالى بهذه الأخلاق المرجوّة والصفات الحسني وجب أن يشكره العبيد لأجله تعالى لا لأجل نعمه وأفعاله ، وهذا ذكر المحبين إذ لو كان الله تعالى على غير هذه الصفات والأخلاق التي عرفه بها العارفون ولا بدّ لهم منه أي شيء كان يصنع العباد وأي حيلة كانت لهم فله الحمد كله وله الشكر كله كما هو مستحقه وأهله بحمده لنفسه . ولا ينبغي إلا له سبحانه وتعالى . كما ينبغي لكرم وجهه وعزّ جلاله إذ كان ولم يزل على ما هو الآن ولا يزال أبدا على ما كان من الأوصاف والنعوت التامات والأسماء الحسني والأمثال العلى . ومعرفة هذا هو شكر العارفين ومشاهدته هو مقام المقربين فشكر هؤلاء لله تعالى لأجل الله تعالى ودعاء هؤلاء التحميد والتقديس وأعمالهم الإجلال والتعظيم للأجل وسؤالهم تجلَّي الصفات والنصيب من مشاهدة معاني الذات ووصف هذا لا يوصف وشرحه بالمعقول لا يعرف ، وهذا داخل في مشاهدة قوله لمن شهد سر الكلام إذ يقول عزّ وجلّ : * ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) * [ الشورى :
11 ] وعن هذه المشاهدة اغتبط موسى عليه السلام بالربوبية وأنس بالتقريب فانبسط بالتمكين فقال لي : ما ليس لك فقال : الله تعالى وما هو ، فقال لي : مثلك وليس لك مثل نفسك فقال عزّ وجلّ : صدقت . يعني لي أنت على هذه الأوصاف التي هي غاية الطالبين ولا مزيد عليها للراغبين وليس لك كأنت إذ ليس كمثلك شيء وأن لا إله إلا أنت . فمن غامض النعم الشكر على هذه المعاني ما روي عنك وصرفه من فضول الدنيا فإنه أقل للشغل والاهتمام وأيسر للحساب . ثم ابتلي به غيرك من الدنيا مما شغله به عنه وقطعه دونه . ففي صرف الدنيا عنك وابتلاء غيرك بها نعمتان عليهما شكران وكذلك إذا رأيت مبتلى في دينه بصفات المنافقين أو مبتلى بنفسه بأخلاق المتكبرين أو منهما فيما عليه من أفعال الفاسقين عددت جميع ذلك نعما من الله تعالى عليك إذ لم يجعلك كذلك لأنك قد كنت أنت ذاك لو لا فضل الله عليك ورحمته فتحسب كل ما وجه إلى غيرك من الشرّ أو صرفه عنك من الخيران تعده نعما عليك بمثل ما وجه إليك من الخير وصرف عنك

366

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست