نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 363
بمعصيته بها يعاقبه بزوالها . وكذلك قوله تعالى : * ( ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) * [ إبراهيم : 7 ] . قيل : إن كفرتم النعمة فقد يكون العذاب في الدنيا تبديل النعمة عقوبات وتغييرها هوان ومذلَّات . وقد يكون العذاب مؤجلا كقوله تعالى : * ( إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً ) * [ الفرقان : 65 ] . قال : طالبهم على النعم بالشكر فلم يكن عندهم فأغرمهم ثمن النعمة فحبسهم في جهنم . وقد قال الله تعالى : * ( وأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وباطِنَةً ) * [ لقمان : 20 ] . ثم قال : * ( وذَرُوا ظاهِرَ الإِثْمِ وباطِنَهُ ) * [ الأنعام : 120 ] ففيه تنبيه لذوي الألباب الذين وصل لهم القول ليتذكروا أن يذروا ظاهر الإثم شكر الظاهر النعم ، ويذروا باطن الإثم شكر الباطن النعم وظاهر النعم عوافي الأجساد ووجود الكفايات من الأموال وظاهر الإثم أعمال الجوارح من معاني حظوظ النفس وباطن النعم معافاة القلوب وسلامة العقود ، وباطن الإثم أعمال القلوب السيئة مثل الإصرار وسوء الظن ونيّات السوء . وقال مطرف بن عبد الله : لأن أعافى فأشكر أحبّ إليّ من أبتلى فأصبر ، لأن مقام العوافي أقرب إلى السلامة . فلذلك اختار حال الشكر على الصبر لأن الصبر حال أهل البلاء . وقد روينا عن الحسن البصري معنى ذلك الخبر الذي لا شرّ فيه العافية مع الشكر والصبر عند المصيبة فكم من منعم عليه غير شاكر وكم من مبتلى غير صابر . وقد روينا عن النبي صلَّى الله عليه وسلم معنى هذا في قوله : وعافيتك أحبّ إليّ . وقال لعلي رضي الله عنه حين سمعه يقول في مرضه : اللَّهم إني أسألك الصبر ، قال : لقد سألت الله تعالى البلاء فسله العافية . ومن الشكر الأعمال الصالحة . وبالعمل فسرّ الله تعالى ورسوله صلَّى الله عليه وسلم الشكر للمنعم فقال تعالى : * ( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً ) * [ سبأ : 13 ] . وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : لما عوتب في اجتهاده وقيامه حتى تورمت قدماه : أ فلا أكون عبدا شكورا . فأخبر أن المجاهدة وحسن المعاملة شكر المستعمل وجزاء المنعم . وقد قال بعض العلماء : شكر القلب المعرفة بأن بالنعم من المنعم لا غير وشكر العمل كلما وهب الله عزّ وجلّ لك عملا أحدثت له عملا ثانيا شكرا منك للعمل الأوّل . وعلى هذا يتصل الشكر بدوام المعاملة ، وأوّل الشكر عند العارفين أن لا تعصيه بنعمة من نعمه فتجعلها في طاعة الهوى . فأما شكر الشاكرين فهو أن تطيعه بكلّ نعمة فتجعلها في سبيل المولى وهذا شكر جملة العبد . وحقيقة الشكر التقوى وهو اسم يستوعب جمل العبادة التي أمر الله تعالى بها عباده في قوله تعالى : * ( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ من قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) * [ البقرة : 21 ] . ثم عبّر حقيقة عن الشكر بتقواه وأخبر سبحانه وتعالى أن التقوى هو الشكر فقال سبحانه وتعالى : * ( فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) * [ آل عمران : 123 ] . وفي الشكر مقامان عن
363
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 363