نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 362
الله الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا في الأَرْض ) * [ الشورى : 27 ] . فعلى الموقن أن يشكر في القبض والمنع كما يشكر في العطاء والبسط ثم يشهد الشاكر بقلبه شهادة يقين ويعلم أن وصفه وصف العبودية وحكمه أحكام العبيد محكوم عليه بأحكام الربوبية وأنه لا يستحق على الله شيئا وأن الله عزّ وجلّ يستحقّ عليه كلّ شيء فالعبد خلقه وصنعته والرب صانعه ومالكه . فإذا شهد العبد هذه الشهادة رأى لله عزّ وجلّ عليه كل شيء فرضي منه بأدنى شيء ولم ير له على الله تعالى شيئا فلم يقنع لله تعالى منه بشيء ولم يطالب مولاه بشيء . فكثرة الذكر وحسن الثناء وجميل النشر للنعماء وتعديد النعم والآلاء هو شكر اللسان لأن معنى الشكر في اللغة هو الكشف والإظهار يقال : كثر وشكر بمعنى إذا كشف عن ثغره فأظهره فيكون إظهار الشكر وكشفه باللسان ما ذكرناه كما جاء في الخبر ليس شيء من الأذكار يضاعف ما يضاعف الحمد . وفي الحديث : من قال سبحان الله فله عشر حسنات ، ومن قال : لا إله إلا الله فله عشرون حسنة ، ومن قال : الحمد لله كتبت له ثلاثون حسنة ليس أن الحمد أعلى من التوحيد ولكن لفضل مقام الشاكر ولأن الله تعالى افتتح به كلامه في كتابه . وفي الخبر : الحمد رداء الرحمن عزّ وجلّ . وفي الخبر أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء الحمد لله رب العالمين ، ويكون أيضا ظهور الشكر وغلبته في القلب شكر القلب ، ويكون شكر الله تعالى لعبده كشفه له ما ستره عنه وإظهاره له ما حجبه منه من العلوم والقدر وهو المزيد فيفيده ذلك حسن معرفته به سبحانه وتعالى وعلوّ مشاهدته منه وكله يرجع إلى معنى الكشف والإظهار . وأما شكر الجوارح للمنعم المفضل سبحانه وتعالى فهو أن لا يعصيه بنعمة من نعمه وأن يستعين بنعمته على طاعته ولا يستعين بها على معاصيه فيكون قد كفرها كما قال تعالى : * ( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ الله كُفْراً ) * [ إبراهيم : 28 ] . قيل : استعانوا بنعمه على معاصيه فالخلق لا يقدرون على تبديل نعمة الله عزّ وجلّ ولكن معناه : بدلوا شكر نعمة الله كفرا وهذا من المضمر معناه لظهور دليله عليه لأنه أمرهم بالطاعة بالنعم فخالفوه فعصوه بها فكان ذلك تبديلهم لما أمروا . ومثله قوله تعالى : * ( وتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) * [ الواقعة : 82 ] المعنى شكر رزقكم تجعلونه تكذيبكم برسل الله تعالى وهذا من المحذوف أيضا وهي في قراءة النبي صلَّى الله عليه وسلم مظهرة مفسّرة . روينا عنه عليه السلام : أنه قرأ وتجعلون شكركم فهذا ظاهر وبمعناه : ومن يبدّل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب أي يعاقب من كفر بالنعمة فضيّع شكرها
362
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 362