نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 361
الشكر عند الشاكرين معرفة القلب ووصفه لا وصف اللسان . وقد أخبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بذلك وأمر باقتناء الشكر واتخاذه مالا في الآخرة عوضا من اقتناء الأموال في الدنيا . فقال في حديث ثوبان وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما : حين نزل في الكنوز ما نزل سأله عمر : أيّ المال نتخذ ؟ فقال : ليتخذنّ أحدكم لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا . وروينا في أخبار موسى عليه السلام وداود عليه السلام : يا ربّ كيف أشكرك وأنا لا أستطيع أن أشكرك إلا بنعمة ثانية من نعمك . وفي لفظ آخر : وشكري لك نعمة أخرى منك توجب علي الشكر لك فأوحى الله تعالى إليه إذا عرفت هذا فقد شكرتني . وفي خبر آخر : إذا عرفت أن النعم مني فقد رضيت منك بذلك شكرا وشكر اللسان حسن الثناء على الله تعالى وكثرة الحمد والمدح له وإظهار إنعامه وإكرامه ونشر أياديه وإحسانه وأن لا يشكو لمالك إلى المملوك ولا المعبود الجليل إلى العبد الذليل . وفي الخبر : أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال لرجل : كيف أصبحت قال : بخير فأعاد عليه النبي السلام السؤال ثانية كيف أنت ؟ فقال : بخير فأعاد عليه الثالثة كيف أنت ؟ فقال : بخير أحمد الله تعالى وأشكره . فقال : هذا الذي أردت منك يعني إظهار الحمد والشكر والثناء . وإنما كان السلف يتساءلون عن أحوالهم إذا التقوا ليستخرجوا بذلك حمدا لله تعالى وشكره فيكونوا شركاءه في ذلك لأنهم سبب ذكره لله تعالى فمن علمت أنه يشكو مولاه ويتكره عندك قضاءه إذا سألته عن حاله فلا تسأله فتكون أنت سبب شكواه وشريكه في جهله . وما أقبح بالعبد أن يشكو المولى الذي ليس كمثله شيء والذي بيده ملكوت كل شيء إلى عبد مملوك لا يقدر على شيء . ومن الشكر أن يشكر الله تعالى على اليسير لأن القليل من الحبيب كثير ولأن الله تعالى حكيم فمنعه حكمة وقدرة . فإذا عرف وجه الحكمة في المنع مع القدرة على العطاء علم أنه منعه ليعطيه فثم صار المنع عطاء واليسير منه كثيرا ، ويعلم أن الذل والصبر عند المنع عزّ وشرف ، وهو أفضل وأنفس عند العلماء من التعزز بالعبيد والشرف بهم ، وأن الطمع والتذلل إليهم والاستشراف إلى عبد مملوك مثلك ذلّ ذليل وحسن الذلّ للعزيز كحسن الذلّ للحبيب وقبح الذلّ للذليل كقبح الذلّ للعدو . وقد قال الله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ من دُونِ الله لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ الله الرِّزْقَ واعْبُدُوهُ ) * [ العنكبوت : 17 ] . وقال تعالى في معناه : * ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ من دُونِ الله عِبادٌ أَمْثالُكُمْ ) * [ الأعراف : 194 ] . والعبادة هي الخدمة والطاعة بذلّ ولا يحسن للعبد المقبل أن يظهر فقره وفاقته إلى غير مولاه الذي يلي تدبيره ويتولاه لأنه عليم خبير بحاله يسمعه ويراه فهو أعلم بما يصلحه منه . وقد قال الله تعالى في معناه : * ( ولَوْ بَسَطَ
361
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 361