responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 360


يَتُوبُ الله من بَعْدِ ذلِكَ عَلى من يَشاءُ ) * [ التوبة : 27 ] . وختم بالمزيد عند الشكر من غير استثناء فقال تعالى : * ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ) * [ إبراهيم : 7 ] . فالشاكر على مزيد والشكور في نهاية المزيد وهو الذي يكثر شكره على القليل من العطاء ويتكرر منه الشكر والثناء على الشيء الواحد من النعم وهذا خلق من أخلاق الربوبية لأنه سماه باسم من أسمائه والمزيد هو إلى المنعم يجعله ما شاء . فأفضل المزيد حسن اليقين ومشاهدة الأوصاف ، وأوّل المزيد شهود النعم . إنها من المنعم بها من غير حول ولا قوّة إلا به عزّ وجلّ ، وأوسط المزيد دوام الحال ومتابعة الخدمة والاستعمال . وقد يكون المزيد أخلاقا وقد يكون علوما وقد يكون في الآخرة وتثبيتا عند فراق العاجلة . وقد جعل الله تعالى الشكر مفتاح كلام أهل الجنة وختام تمنّيهم في قوله تعالى : * ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ ) * [ الزمر : 74 ] . وقال تعالى : * ( وآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) * [ يونس :
10 ] . فلو لا أنه أحب الأعمال إليه ما بقاه عليهم لديه .
وروينا في مناجاة أيوب عليه السلام : إن الله تعالى أوحى إليه في صفة الصابرين دارهم دار السلام إذا دخلوها ألهمتهم الشكر وهو خير الكلام وعند الشكر أستزيدهم وبالنظر إلي أزيدهم وهذا غاية الفضل . فأوّل الشكر معرفة النعم . إنها من المولى وحده لا شريك له فيها ، ولا ظهير له عليها ، إذ قد نفى ذلك عن نفسه لأنه هو الأوّل في كل شيء ، لا شيء معه ولا ظهير له في شيء إذ قد جعل الضرّاء والسرّاء منه وإليه جاريين على عباده فقال تعالى : * ( وما لَهُمْ فِيهِما من شِرْكٍ وما لَهُ مِنْهُمْ من ظَهِيرٍ ) * [ سبأ : 22 ] . الشرك الخلط والظهير المعين . ثم قال تعالى : * ( وما بِكُمْ من نِعْمَةٍ فَمِنَ الله ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ ) * [ النحل : 53 ] . وقال تعالى : * ( وإِنْ يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) * [ الأنعام : 17 ] . وقال تعالى في جمل النّعم بعد إضافتها إليه : * ( وسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وما في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) * [ الجاثية : 13 ] .
وقال تعالى : * ( وأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وباطِنَةً ) * [ لقمان : 20 ] . فالأسباب مع صحتها والأواسط مع ثبوتها إنما هي حكمه وأحكامه . فظروف العطاء وآثار المعطي لا تؤثر في الحكم بها والجعل لها حكما ولا جعلا يعني لا تحكم ولا تجعل لأنها محكومات فكيف تحكم ومجعولات فكيف تجعل لا حاكم إلا الله وحده ولا يشرك في حكمه أحدا وهذا الحرف في مقرإ أهل الشام أبلغ وأوكد لأنه يخرج على الأمر لأنهم قرؤه بالتاء وجزم الكاف ولا تشرك في حكمه أحدا . فالأسباب أحكام حق وأواسط حكمه فمشاهدة المنعم في النعمة وظهور المعطي عند العطاء حتى ترى النعمة منه والعطاء عنه هو شكر القلب لأن

360

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 360
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست