responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 349


بالضراء وهو ما ضرّ .
وقد قال تعالى : * ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ ) * [ آل عمران : 134 ] فمدحهم بوصف واحد في الحالين المختلفين لحسن يقينهم وسخاوة نفوسهم وحقيقة زهدهم .
ومن هذا المعنى قول الله تعالى : * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ ولا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ الله ) * [ المنافقون : 9 ] لأن فيهما ما يسرّ ويشغل عن الذكر . ثم قال عزّ وجلّ : * ( إِنَّ من أَزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) * [ التغابن : 14 ] لأن في الأزواج والأولاد ما يفرح به فيوافق فيه الهوى ويخالف بوجودهما المولى فصارا عدوين في العقبي لما يؤول إليه من شأنهما . ومن هذا الخبر الذي روى عن النبي صلَّى الله عليه وسلم لما نظر إلى ابنه الحسن يتعثر في قميصه فنزل عن المنبر واحتضنه ثم قال صدق الله : * ( إِنَّما أَمْوالُكُمْ وأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) * [ التغابن : 15 ] أي لما رأيت ابني هذا لم أملك نفسي أن أخذته . ففي هذا عبرة لأولي الأبصار . وروي عنه في الحديث أيضا : الولد محزنة مبخلة مجبنة ، فهذه مصادر الحزن والبخل والجبن أي يحمل حب الأولاد والأموال على ذلك . فمن صبر على السرّاء وهي العوافي والغنى والأولاد وغير ذلك وأخذ الأشياء من حقّها ووضعها في حقّها فهو من الصابرين الشاكرين لا يزيد عليه أهل البلاء والفقر إلا بحقيقة الرضا والشكر . وقد جمع الله تعالى بين ما سرّ وضرّ وجعلهما من وصف المتّقين ومدحهم بالإحسان معهما فقال تعالى :
* ( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ والْكاظِمِينَ الْغَيْظَ والْعافِينَ عَنِ النَّاسِ والله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) * [ آل عمران : 133 - 134 ] . ومن الصبر كتمان المصائب والأوجاع وترك الاستراحة إلى الشكوى بهما فذلك هو الصبر الجميل قيل : هو الذي لا شكوى فيه ولا إظهار .
وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما : الصبر في القرآن على ثلاثة أوجه : صبر على أداء الفرائض لله تعالى ، وصبر عن محارم الله تعالى ، وصبر في المصيبة عند الصدمة الأولى . فمن صبر على أداء فرائض الله تعالى فله ثلاثمائة درجة ، ومن صبر على محارم الله تعالى فله ستمائة درجة ، ومن صبر في المصيبة عند الصدمة الأولى فله تسعمائة درجة ، وهذا يحتاج إلى تفسير . ولم يفضل ابن عباس الصبر على المصيبة لأنه أفضل من الصبر عن المحارم وعلى الفرائض بل لأن الصبر على ذينك من أحوال المسلمين والصبر على المصيبة من مقامات اليقين وإنما فضل المقام في اليقين على مقام الإسلام ومن ذلك ما روي من دعاء النبي صلَّى الله عليه وسلم : أسألك من اليقين ما تهون به علي مصائب الدنيا . فأحسن الناس

349

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست