responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 348


هو العدل والعدل حسن وهو الانتصار والعفو أحسن وفيه المدح بالهدى والعقل ، وهذا هو مقام المخبتين قيل : هم الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا فالمدح بالوصف لأهل هذا المقام هو الإخبات وهو الخشوع والطمأنينة بحسن الجزاء من الله سبحانه وتعالى في الآخرة لقرب اللقاء وسرعة فناء الدنيا أمدح كما قال تعالى : * ( وإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) * [ الحجر : 85 ] . والتقوى والصبر معينان أحدهما منوط بالآخر لا يتم كل واحد منهما إلا بصاحبه فمن كانت التقوى مقامه كان الصبر حاله فصار الصبر أفضل الأحوال من حيث كان التقوى أعلى المقامات إذ الأتقى هو الأكرم عند الله تعالى ، والأكرم على الله تعالى هو الأفضل . وقد شرف الله تعالى الصبر بأن أضافه إليه بعد الأمر به فقال :
* ( واصْبِرْ وما صَبْرُكَ إِلَّا بِالله ) * [ النحل : 127 ] . وقال تعالى : * ( ولِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) * [ المدثر : 7 ] وإن كان كل شيء به وكل عمل صالح له ولا يصف الله تعالى عبدا ولا يثني عليه حتى يبتليه فإن صبر وخرج من البلاء سليما مدحه ووصفه وإلا بين له كذبه ودعواه .
وقيل لسفيان الثوري رضي الله عنه : ما أفضل الأعمال قال الصبر عند الابتلاء .
وقال بعض العلماء : وأي شيء أفضل من الصبر وقد ذكره الله تعالى في كتابه في نيف وتسعين موضعا ولا نعلم شيئا ذكره الله تعالى هذا العدد إلا الصبر فلا يطمعنّ طامع في مدح الله له وحسن ثنائه عليه قبل أن يبتليه فيصبر له ولا يطمعنّ أحد في حقيقة الإيمان وحسن اليقين قبل أن يمدحه الله تعالى ويثني عليه . ولو أظهر الله تعالى على جوارحه سائر الأعمال ثم لم يمدحه بوصف ولم يثن عليه بخير لم يؤمن عليه سوء الخاتمة ، وذلك أن من أخلاق الله تعالى أنه إذا أحبّ عبدا ورضي عمله مدحه ووصفه .
فمن ابتلاه بكراهة ومشقة أو بهوى وشهوة فصبر لذلك أو صبر عن ذلك . فإن الله تعالى يمدحه ويثني عليه بكرمه وجوده فيدخل هذا العبد في أسماء الموصوفين ويصير واحدا من الممدوحين فعندها يثبت قدمه من الزلل ويختم له بما سبق من صالح العمل . ومن الصبر ، صبر على العوافي أن لا يجريها في المخالفة والصبر على الغنى أن لا يبذله في الهوى ، والصبر على النعمة أن لا يستعين بها على معصية . فحاجة المؤمن إلى الصبر في هذه المعاني ومطالبته بالصبر عليها كحاجته ومطالبته بالصبر على المكاره والفقر وعلى الشدائد والضرّ . ويقال : إن البلاء والفقر يصبر عليهما المؤمن والعوافي لا يصبر فيها إلا صديق . وكان سهل يقول : الصبر على العافية أشدّ من الصبر على البلاء ، وكذلك قالت الصحابة رضي الله عنهم : لما فتحت الدنيا فنالوا من العيش واتسعوا ابتلينا بفتنة الضرّاء فصبرنا وابتلينا بفتنة السرّاء فلم نصبر فعظموا الاختبار بالسرّاء وهو ما سرّ على الاختبار

348

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست