responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 329


القلب لا يسمع معها ولا يفقه . وقد حدثني بعض هذه الطائفة عن أبي عمرو بن علوان في قصة تطول قال فيها : فكنت قائما أصلَّي ذات يوم فخامر قلبي هواء طاولته بفكري حتى تولد منه شهوة الرجل قال : فوقعت إلى الأرض واسودّ جسدي كله فاستترت في البيت ثلاثة أيام فلم أخرج وقد كنت أعالج غسله في الحمام بالصابون والألوان الغاسلة فلا يزداد إلا سوادا قال ثم انكشف عني بعد ثلاث فرجعت إلى لوني البياض قال : فلقيت أبا القاسم الجنيد رحمه الله وكان وجه إلي فأشخصني من الرقة فلما أتيته قال لي : أما استحيت من الله تعالى كنت قائما بين يديه فسامرت نفسك شهوة حتى استولت عليك برقة فأخرجتك من بين يدي الله تعالى لو لا أني دعوت الله عزّ وجلّ لك وتبت إليه عنك للقيت الله تعالى بذلك اللون قال فعجبت كيف علم بذلك ، وهو ببغداد وأنا بالرقة ولم يطلع عليه إلا الله عزّ وجلّ . فذكرت هذه الحكايات لبعض العلماء فقال : كان هذا رفقا من الله تعالى به وخيرة له إذ لم يسوّد قلبه وظهر السواد على جسده ولو بطن في قلبه لأهلك ثم قال : ما من ذنب يرتكبه العبد يصرّ عليه إلا اسودّ القلب منه مثل سواد الجسم الذي ذكره لا يجلوه إلا التوبة ولكن ليس كل عبد يصنع له صنع ابن علوان ولا يجد من يلطف له به مثل أبي القاسم الجنيد رحمه الله ولكلّ ذنب عقوبة إلا أن يعفو الله والعقوبة ليست على قدر الذنب ولا من حيث يعلم العبد لكنها على تقدير المشيئة وعن سابق علم الربوبية فربما كانت في قلب وهي من أمراض القلوب وربما كانت في الجسد وقد تكون في الأموال والأهل وتكون في سقوط الجاه والمنزلة من عيون علماء الإسلام والمؤمنين وقد تكون مؤجله في الآخرة وهذه أعظم العقوبات وهي لأهل الكبائر من الموبقات الذين ماتوا عن غير توبة ولأهل الإصرار والعزة والاستكبار لأنها إذا كانت في الدنيا كانت يسيرة على قدر الدنيا وإذا تأخرت كانت عظيمة على قدر الآخرة .
وفي الخبر : إذا أراد الله تعالى بعبد خيرا عجّل له عقوبة ذنبه وإذا أراد به شرا أخره حتى يوافي به الآخرة . واعلم أن الغم على ما يفوت من الدنيا والهم بالحرص عليها من العقوبات والفرح والسرور بما نال من الدنيا مع ما لا يبالي ما خرج من دينه من العقوبات .
وقد يكون دوام العوافي واتساع الغنى من عقوبات الذنوب إذا كانا سببين إلى المعاصي .
وقد تكون عقوبة الذنب ذنبا مثله أو أعظم منه كما يكون مثوبة الطاعة طاعة مثلها أو أفضل منها . وفي أحد الوجوه من معنى قوله تعالى : * ( وعَصَيْتُمْ من بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ ) * [ آل عمران : 152 ] . قال : الغنى والعافية كما يكون الفقر والسقم برحمة من الله تعالى إذا كانا سببا للعصمة وهما أمّهات المعاصي إذا كانا سببين لها ومطرقين إليها . واعلم

329

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 329
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست