responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 328


وحدثونا عن منصور الفقيه قال : رأيت أبا عبد الله السكري في النوم فقلت : ما فعل الله بك قال : أوقفني بين يديه في العرق حتى سقط لحم خدي قلت : ولم ذاك قال : نظرت إلى غلام مقبلا ومدبرا والعقوبة موضوعها الشدة والمشقة . فعقوبة كل عبد من حيث يشتد عليه . فأهل الدنيا يعاقبون بحرمان رزق الدنيا من تعذر الإكساب وإتلاف الأموال وأهل الآخرة يعاقبون بحرمان رزق الآخرة من قلة التوفيق للأعمال الصالحات وتعذر فتوح العلوم الصادقة ذلك تقدير العزيز العليم . وكان أبو سليمان الداراني يقول : الاحتلام عقوبة :
وقال : لا يفوت أحدا صلاة في جماعة إلا بذنب يحدثه فدقائق العقوبات على قدر ترافع الدرجات . وقد جاء في الأخبار ما أنكرتم من زمانكم فبما غيرتم من أعمالكم . وفي الخبر يقول الله عزّ وجلّ : إن أدنى ما أصنع بالعبد إذا آثر شهوته على طاعتي أن أحرمه لذيذ مناجاتي فهذه عقوبة أهل المعاملات ولو ظهر تغيّر القلب عند المعصية على وجه العاصي لاسودّ وجهه ولكن الله تعالى سلم بحلمه وستره فغطى ذلك في القلب مع تأثيره فيه وحجابه لصاحبه وقسوته عن الذكر وعن طلب الخير والبر والمسارعة إلى الخير وهو من أكثر العقوبات ويقال : إن العبد إذا عصى أظلم قلبه ظلمة يثور على القلب منها دخان يشهده الإيمان فهو مكان حزن العبد الذي تسوءه سيئته ويكون ذلك الدخان حجابا له عن العلم والبيان كما تحجب السحابة للشمس فلا ترى ويكون غلفا يجده في نفسه للخلق فإذا تاب العبد وأصلح انكشف الحجاب فيظهر الإيمان فيأمر بالعلم كما تبرز الشمس من تحت الحجاب .
ومن هذا قوله تعالى : * ( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) * [ المطففين :
14 ] قيل : هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب ويصير الإيمان تحت الحجاب فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا وعندها ينكس أعلاه أسفله إذا استكمل سواده . فحينئذ مرد على النفاق فأملس فيه واطمأن به وثبت إلى أن ينظر الله تعالى إليه فيعطف بفضله عليه .
وقد كان الحسن رضي الله عنه يقول : إن بين العبد وبين ربه عزّ وجلّ حدا من المعاصي معلوما إذا بلغه العبد طبع على قلبه فلم يوفقه بعدها للخير . وفي حديث ابن عمر : الطابع معلق بقائمة العرش فإذا انتهكت الحرمات واستحلت المحارم أرسل الله تعالى الطابع فطبع على القلوب بما فيها . وفي حديث مجاهد : القلب مثل الكف المفتوحة فكلما أذنب ذنبا انقبضت أصبع حتى تنقبض الأصابع كلها فتشد على القلب فذلك هو القفل . ويقال لكلّ ذنب نبات ينبت على القلب فإذا كثرت الذنوب قام النبات حول القلب مثل الكمّ للثمرة فانضمّ على القلب فذلك هو الغلاف . ويقال : إنه الكنان أحد الأكنة التي ذكر الله تعالى أن

328

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 328
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست