نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 327
وقد قال بعض العلماء في معنى هذا : من خاف الله تعالى خافه كل شيء . ومن خاف غير الله تعالى أخاف الله تعالى منه كل شيء . فكذلك أيضا : من أطاع الله تعالى سخّر له كل شيء ومن عصاه سخّره لكل شيء أو سلط عليه كل شيء ولو لم يكن في الإصرار على المعصية من الشؤم إلا أن كلّ ما يصيب العبد يكون له عقوبة إن كان سعة عوقب بذلك ولم يأمن بها الاستدراج وإن كان ضيقا كان عقوبة له . وفي الخبر أن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه . وقد قيل : الرزق من الحرام من قلة التوفيق للأعمال الصالحة . وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : إني لأحسب أن العبد ينسى العلم بالذنب يصيبه ولو لم يكن من بركة التوبة والعلم والاستقامة على الطاعة إلا أن كل ما يصيب العبد فهو خير له إن : كان سعة فهو رفق من الله تعالى به عليه ولطف له منه وإن كان ضيقا فهو اختبار من الله تعالى وخيره للعبد ويجد حلاوة ذلك ولذته لأنه في سبيله وقد أصابه وهو مقيم على طاعته ولو لم يكن من شؤم الناس ووجد النقص لمخالطتهم إلا أن المعصية معهم أشد وهي بهم أعظم لتعلق المظالم في أمر الدنيا وشأن الدين وكل من قلَّت معارفه قلَّت معهم خطاياه . وقال بعض السلف : ليست اللعنة سوادا في الوجه ونقصا في المال إنما اللعنة أن لا يخرج من ذنب إلا وقع في مثله أو شرّ منه وذلك أن اللعنة هي الطرد والبعد فإذا طرد من الطاعة فلم تيسير له بعد عن القربات فلم يوفق لها فقد لعن . وقد قيل في معنى الخبر الذي رويناه آنفا : إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه قيل : إن يحرم الحلال ولا يوفق له بوقوعه في المعصية وقيل : يحرم مجالسة العلماء ولا ينشرح قلبه لصحبة أهل الخير وقيل : يمقته الصالحون وأهل العلم باللَّه تعالى فيعرضون عنه وقيل : يحرم العلم الذي لا صلاح للعمل إلا به لأجل إقامته على الجهل ، ولا تنكشف له الشبهات بإقامته على الشهوات بل تلتبس عليه الأمور فيتحير فيها بغير عصمة من الله تعالى ولا يوفق للأصوب والأفضل . وقد كان الفضيل يقول : ما أنكرت من تغير الزمان وجفاء الإخوان فذنوبك أورثتك ذلك ويقال : نسيان القرآن بعد حفظه من أشد العقوبات والمنع من تلاوته وضيق الصدر بقراءته والاشتغال عنه بضده عقوبة الإصرار . وقال بعض صوفية أهل الشام : نظرت إلى غلام نصراني حسن الوجه فوقفت أنظر إليه فمر بي ابن الجلاء الدمشقي فأخذ بيدي فاستحييت منه فقلت : يا أبا عبد الله سبحان الله تعجبت من هذه الصورة الحسنة وهذه الصنعة المحكمة كيف خلقت للنار فغمز يدي وقال : لتجدنّ عقوبته بعد حين قال : فعوقبت بعد ثلاثين سنة . وقال بعضهم : إني لأعرف عقوبة ذنبي في سوء خلق حماري . وقال آخر : أعرف العقوبة حتى في نار بيتي .
327
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 327