responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 325


تعالى عليه ويستخف بحلم الله تعالى عنه ، فيكون ذلك من الاغترار والأمن أو يجهل نعمة الله تعالى عليه في ستره وإظهار ضده كما قال في الدعاء المأثور الذي يمدح الله سبحانه وتعالى به : يا من أظهر الجميل وستر على القبيح ولم يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر ويقال كلّ عاص تحت كنف الرحمن فإذا رفع يديه عنه انهتك ستره .
ومن ذلك المجاهرة بالذنب والصول به والتظاهر وهذا من الطغيان . وفي الخبر : كل الناس معافى إلا المجاهرين يبيت أحدهم على الذنب . قد ستره الله تعالى عليه فيصبح فيكشف ستر الله تعالى ويتحدث بذنبه وربما سن العاصي بالذنب سنّة اتبع عليها فتبقى سيئات ذنبه عليه ما دام يعمل به وقد قيل : طوبى لمن إذا مات ماتت ذنوبه معه ولم يؤاخذ بها بعده وطوبى لمن لم يعدد ذنبه غيره . قال بعضهم : لا تذهب لا تذهب فإن كان لا بدّ فلا تحمل غيرك على الذنب فتكسب ذنبين . وقد جعل الله تعالى هذا المعنى وصفا من أوصاف المنافقين في قوله تعالى : * ( الْمُنافِقُونَ والْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ من بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ ويَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ) * [ التوبة : 67 ] . فمن حمل أخاه على ذنب معه فقد أمر بالمنكر ونهى عن المعروف . وقال بعض السلف : ما انتهك المرء من أخيه حرمة أعظم من أن يساعده على معصيته ثم يهونها عليه وقد يعيش العبد أربعين سنة ثم يموت فتبقى ذنوبه بعده مائة سنة يعاقب عليه في قبره إذا كان قد سنّها سنّا وأتبع عليها إلى أن تندرس أو يموت من كان يعمل بها ثم تسقط عنه ويستريح منها . ويقال : أعظم الذنوب من ظلم من لا يعرفه ولم يره من المتقدمين مثل أن يتكلم فيمن سلف من أهل الدين وأئمة المتقين . فهذه المعاني كلها تدخل على الذنب الواحد وهي أعظم منه ومن ذلك قوله تعالى : * ( ونَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وآثارَهُمْ ) * [ يس : 12 ] قيل : سننهم التي عمل بها بعدهم . وفي الخبر : من سنّ سنّة سيئة فعمل بها من بعده كان عليه مثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا . وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول : ويل للعالم من الأتباع يزل زلة فيرجع عنها ويحتملها الناس فيذهبون بها في الآفاق . وقال بعض أهل الأدب : مثل زلة العالم مثل انكسار السفينة تغرق ويغرق الخلق معها . وفي الخبر الإسرائيلي : إن عالما كان يضلّ الناس بالبدع ثم أدركته توبة فرجع إلى الله تعالى وعمل في الإصلاح دهرا فأوحى الله تعالى إلى نبيهم : قل له إن ذنبك لو كان فيما بيني وبينك لغفرته لك بالغا ما بلغ ولكن كيف بمن أضللت من عبادي فأدخلتهم النار . فأما استحلال المعصية أو إحلالها للغير فليس من هذه الأبواب في شيء إنما ذلك خروج عن الملة وتبديل للشريعة وهو الكفر باللَّه تعالى كما روي عن النبي صلَّى الله عليه وسلم : ما آمن بالقرآن من استحلّ محارمه وقد سمّى الله

325

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست