نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 324
هذين أفضل فقال بعض علماء أهل الشام : الذي تنازعه نفسه إلى الذنب وهو يجاهدها أفضل لأن عليه منازعة وله فضل مجاهدة . ومال إلى هذا القول أحمد بن أبي الحواري وأصحاب أبي سليمان الداراني . وقال علماء البصرة : الذي سكنت نفسه عن المنازعة بشاهد من شواهد اليقين والطمأنينة فلم يبق فيه فضل لعود ولا طلب لمعتاد أفضل . ومال إلى هذا رباح بن عمرو القيسي وهو من كبار علماء البصريين . وقال : لو فتر هذا لكان هذا أقرب إلى السلامة ولم يؤمن على الآخر الرجوع وهذا كما قال . وقد اختلف العلماء أيضا في عبدين سئل أحدهما شيئا : من بذل ماله في سبيل الله فأبت نفسه عليه وثقل عليها ذلك فجاهدها وأخرج ماله . وسئل آخر . بذل ماله فبذله مع السؤال طوعا من غير منازعة نفس ولا ثقل عليها ولا مجاهدة منه لها أيهما أفضل ؟ فقال : قوم المجاهد لنفسه أفضل لأنه اجتمع له الإكراه والمجاهدة فحصل له عملان . وذهب إلى هذا القول ابن عطاء وأصحابه . وقال آخرون : الذي سمحت نفسه بالبذل طوعا من غير إكراه ولا اعتراض أفضل قال : لأن مقام هذا في سخاوة النفس والتحقق بالزهد أفضل من جميع أعمال الأول من الإكراه والمجاهدة . ومن بذل ماله على ذلك ولأن الأول وإن غلب نفسه في هذه الكرة لا يأمن غلبتها له في كرة ثانية أو ثالثة إذ ليس السخاء من مقامها لأنها كانت محمولة عليه وإلى هذا ذهب الجنيد رحمه الله وهو عندي كما قال اللفظ لنا . وسئل أبو محمد سهل عن الرجل يتوب من الشيء ويتركه ثم يخطر ذلك الشيء بقلبه أو يراه أو يسمع به فيجد حلاوة فقال : الحلاوة طبع البشرية ولا بدّ من الطبع وليس له حيلة إلا أن يرفع قلبه إلى مولاه بالشكوى وينكره بقلبه ويلزم نفسه الإنكار ولا يفارقه ويدعو الله تعالى أن ينسيه ذكر ذلك ويشغله بغيره من ذكره وطاعته . وقال : فإن هو غفل عن الإنكار طرفة عين أخاف عليه أن لا يسلم وتعمل الحلاوة في قلبه ولكن مع وجدان الحلاوة يلزم قلبه الإنكار والحزن فإنه لا يضره . وهذا عندي هكذا لأن التوبة لا تصحّ مع بقاء الشهوة . ويكون العبد مرادا بالمجاهدة ، وهذا حال المريدين ومحو الشهوات من القلب بدوام التولي وصف العارفين وربما تعلق بالذنب ذنوب كثيرة هي أعظم منه مثل الإصرار عليه والاغتباط به وتسويف التوبة بعده ووجد حلاوة الظفر بمثاله أو وجد الحزن والكراهة على فوته والسرور بعمله أو حمل غيره عليه إن كان ذنبا بين اثنين أو إنفاق مال الله سبحانه وتعالى فيه فهو كفر النعمة به . وقد قيل : من أنفق درهما في حرام فهو مسرف ومن ذلك أن يستصغر الذنب ويحتقره فيكون أعظم من اجتراحه أو يتهاون بستر الله
324
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 324