responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 321


والجزاء أو أضعتها فألقاك بالمطالبة والعقاب ؟ فهذا داخل في قوله عزّ وجلّ : * ( والَّذِينَ هُمْ لأَماناتِهِمْ وعَهْدِهِمْ راعُونَ ) * [ المؤمنون : 8 ] . وفي قوله تعالى : * ( وأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) * [ البقرة : 40 ] عمر العبد أمانة عنده إن حفظه فقد أدى الأمانة وإن ضيّعه فقد خان الله . إن الله لا يحبّ الخائنين . وفي خبر ابن عباس رضي الله عنه من ضيع فرائض الله عزّ وجلّ خرج من أمانة الله وعند التوبة النصوح تكفير السيئات ودخول الجنات . وكان بعضهم يقول : قد علمت متى يغفر الله لي قيل : ومتى ؟ قال : إذا تاب علي . وقال آخر : أنا من أن أحرم التوبة أخوف مني من أن أحرم المغفرة . وقال الله تعالى : * ( ومن أَصْدَقُ من الله حَدِيثاً ) * [ النساء : 87 ] فتاب عليكم وعفا عنكم وقال تعالى في مثله : * ( وهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ويَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ ) * [ الشورى : 25 ] .
وقال بعض العلماء : لا تصحّ التوبة لعبد حتى ينسى شهواته ويكون ذاكرا للحزن لا يفارقه قلبه ذاهبا عن الذنب لا يخالج سرّه . وقال بعض علماء الشام : لا يكون المريد تائبا حتى لا يكتب عليه صاحب الشمال معصية عشرين سنة . وقال بعض السلف : من علامة صدق التائب في توبته أن يستبدل بحلاوة الهوى حلاوة الطاعة وبفرح ركوب الذنب الحزن عليه والسرور بحسن الإنابة . وقال بعض العلماء في معناه : لا يكون العبد تائبا حتى يدخل مرارة مخالفة النفس مكان حلاوة موافقتها . وحدثنا في الإسرائيليات : إن الله عزّ وجلّ قال لبعض أنبيائه وقد سأله قبول توبة عبد بعد أن اجتهد سنين في العبادة ولم ير قبول توبته فقال له : وعزتي وجلالي لو شفع فيه أهل السماوات والأرض ما قبلت توبته وحلاوة ذلك الذنب الذي تاب منه في قلبه ومن بقيت حلاوة المعصية في قلبه أو نظر إليها إذا ذكرها بفكره خيف عليه العود فيها إلا بشدة مجاهدة وكراهة لها ونفي خاطرها عن سره إذا ذكرها بالخوف والإشفاق منها . وقال أبو محمد سهل : أول ما يمر به المبتدئ المريد التوبة وهو تحويل الحركات المذمومة إلى حركات محمودة ويلزم نفسه الخلوة والصمت ولا تصحّ له توبة إلا بأكل الحلال ولا يقدر على الحلال حتى يؤدي حق الله تعالى في الخلق وحق الله تعالى في نفسه ولا يصح له هذا حتى يتبرأ من حركته وسكونه إلا باللَّه تعالى وحتى لا يأمن الاستدراج بأعمال الصالحات وحقيقة التوبة أن يدع ما له حتى لا يدخل فيما عليه ولا يكون يسوف أبدا إنما يلزم نفسه الحال في الوقت .
وحدثونا عن سري السقطي أنه قال : من شرط التوبة أن ينبغي للتائب المنيب أنه يبدأ بمباينة أهل المعاصي ثم بنفسه التي كان يعصي الله تعالى لها ولا ينيلها إلا ما لا بدّ منه ثم الاعتزام على أن لا يعود في معصية أبدا ويلقي عن الناس مئونته ويدع كل ما

321

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 321
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست