نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 311
وقف معه اكتفى وقال علي رضي الله عنه عليكم بالنمط الأوسط الذي يرجع إليه العالي ويرتفع عنه القالي وهكذا سيرة السلف إنه لا يستمع إلى مبتدع لأنه منكر ولا يرد عليه بالجدال والنظر لأنه بدعة ، ولكن يخبر بالسنن ويحتج بالأثر فإن قيل فهو أخوك في الله عزّ وجلّ ووجبت عليك موالاته وإن لم يرجع وأنكر نقض بإنكاره وعرف ببدعته وحقّت عداوته وهجر في الله تعالى . وهذا طريق لا يسلكه في وقتنا هذا إلا من عرف فضله وطريقه السلف فيه . وحدثت عن إبليس لعنه الله أنه بث جنوده في وقت الصحابة فرجعوا إليه محسورين فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : ما رأينا مثل هؤلاء القوم ما نصيب منهم شيئا قد أتبعونا فيقول : إنك لا تقدرون عليهم قد صحبوا نبيهم وشهدوا تنزيل ربهم ولكن سيأتي بعدهم قوم تنالون منهم حاجتكم . فلما جاء التابعون بث جنوده فيهم فرجعوا إليه منكسرين منكوسين . فقال : ما شأنكم . قالوا : ما رأينا أعجب من هؤلاء القوم نصيب منهم الشيء بعد الشيء من الخطايا فإذا كان من آخر النهار أخذوا في الاستغفار فتبدل سيئاتهم حسنات فقال : إنكم لن تنالوا من هؤلاء شيئا لصحة توحيدهم واتباعهم سنّة نبيهم ولكن سيأتي بعد هؤلاء قوم تقرّ أعينكم بهم تلعبون بهم لعبا وتقودونهم بأزمة أ هوائهم كيف شئتم إن استغفروا لم يغفر لهم ولا يتوبون فتبدل حسناتهم سيئات قال : فجاء قوم بعد القرن الأول فبعث فيهم الأهواء وزين لهم البدع فاستحلَّوها واتخذوها دينا لا يستغفرون منها ولا يتوبون إلى الله قال فتسلطت عليهم الأعداء وقادتهم أين شاؤوا . وقد قال ابن عباس رضي الله عنه : إن للضلالة حلاوة في قلوب أهلها . وقد قال الله تعالى : * ( اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً ولَهْواً ) * [ الأنعام : 70 ] . وقال تعالى : * ( أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ) * [ فاطر : 8 ] . كما قال تعالى : * ( أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ ويَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) * [ هود : 17 ] . فالعلم رحمك الله هو الذي كان عليه السلف الصالح المقتفي آثارهم والخلف التابع المقتدي بهديهم وهم الصحابة أهل السكينة والرضا ثم التابعون لهم بإحسان من أهل الزهد والنهي والعالم هو الذي يدعو الناس إلى مثل حاله حتى يكونوا مثله فإذا نظروا إليه زهدوا في الدنيا لزهده فيها كما كان ذو النون رحمه الله يقول : جالس من يكلمك علمه لا من يكلمك لسانه . وقد قال الحسن رضي الله عنه قبله : عظ الناس بفعلك ولا تعظهم بقولك . وقال سهل رحمه الله : العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل . وقد روينا معنى ذلك عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قيل له : أي
311
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 311