نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 310
ما أَنْزَلَ الله ) * [ الأنعام : 93 ] فسوّى بين الكذاب في الفرية على الله تعالى وبين المتشبه المضاهي للربوبية . وكذلك من أعظم المنكر بعد هذا إنكار الحق من أهله وردّه عليهم بالتكذيب . وقد سوّى تعالى أيضا بين التكذيب بالحق وبين ابتداء الكذب على الخالق في قوله عزّ وجلّ : * ( ومن أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى الله كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ ) * [ العنكبوت : 68 ] . وقال تعالى في مثله : * ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى الله وكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ ) * [ الزمر : 32 ] . كذلك أيضا في ضده سوّى كما سوّى عزّ وجل بين الصادق بالصدق والمصدق به فقال تعالى : * ( والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وصَدَّقَ به أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) * [ الزمر : 33 ] . قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : العالم والمتعلم شريكان في العلم . وقال عيسى عليه السلام بمعناه : المستمع شريك القائل ولكن الله تعالى قد جعل هذه الطائفة من أهل العلم بالله تعالى ترد على جميع الطوائف من الشاطحين والمبتدعين أهل الجهالة بالدين والحيدة عن سبيل المؤمنين بما أراهم الله تعالى من علم اليقين وبما شهد لهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالعلم والتعديل في قوله : يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين . فالغالون هم الشاطحون لأنهم قد جاوزوا العلم ومحوا الرسم فأسقطوا الحكم . والمبطلون هم المدّعون المبتدعون لأنهم جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق وافتروا بالدعوى وابتدعوا بالرأي والهوى ، والجاهلون هم المنكرون لغرائب العلم المفترون لما عرفوا من ظاهر العقل . كما روينا عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم : إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا أهل المعرفة باللَّه عزّ وجلّ . فإذا نطقوا به لم يجهله إلا أهل الاغترار باللَّه تعالى : ولا تحقروا عالما آتاه الله تعالى علما فإن الله عزّ وجلّ لم يحقره إذ أتاه وكل من تأول السنن بالرأي أو المعقول أو نطق بما لم يسبق إليه السلف من القول أو بمعناه فهو متكلف مبطل . فأهل العلم باللَّه تعالى يردّون علوم المعقول بعلم اليقين وعلم الرأي بعلم السنة يثبتون أهل الآثار ويؤيدون نقلة الأخبار بما يفصلون من أخبارهم ويفسرون من حديثهم مما لم يجعل للنقلة طريق إليه ولم يهتد الرواة إلى كشف منه بما أشهدهم الله عزّ وجلّ واستودعهم ونوّر به قلوبهم ونطقهم فهم ينطقون عن الله سبحانه وتعالى فيما يخبرون عنه . ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون . وقد قال بعض العلماء : ما تكلَّم فيه السلف فالسكوت عنه جفاء وما سكت عنه السلف فالكلام فيه تكلف وقال آخر : الحق ثقيل من جاوزه ظلم ومن قصر عنه عجز ومن
310
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 310