نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 268
الفتنة فلما وقعت الفتنة ظهر القصاص ولما دخل علي رضي الله عنه البصرة جعل يخرج القصاص من المسجد ويقول : لا يقصّ في مسجدنا حتى انتهى إلى الحسن وهو يتكلم في هذا العلم فاستمع إليه ثم انصرف ولم يخرجه وجاء ابن عمر إلى مجلسه من المسجد فوجد قاصّا يقصّ فوجّه إليه صاحب الشرطة أن أخرجه من المسجد فأخرجه . فلو كان القصص من مجالس الذكر والقصّاص علماء لما أخرجهم ابن عمر من المسجد ، هذا مع ورعه وزهده . وقد روينا عن ابن شوذب عن أبي التياح قال : قلت للحسن إمامنا يقصّ فيجتمع الرجال والنساء فيعرفون أصواتهم بالدعاء ويمدون أيديهم فقال الحسن : رفع الصوت بالدعاء بدعة ومدّ الأيدي بالدعاء بدعة . وروى أبو الأشهب عن الحسن : القصص بدعة . وقيل لابن سيرين : لو قصصت على إخوانك فقال : قد قيل لا يتكلم على الناس إلا أحد ثلاثة : أمير أو مأمور أو أحمق فلست بأمير ولا مأمور وأكره أن أكون الثالث . وروينا عن عون بن موسى عن معاوية بن قرة قال : سألت الحسن البصري قلت : أعود مريضا أحبّ إليك أو أجلس إلى قاصّ . فقال : عد مريضك فقلت أشيع جنازة أحبّ إليك أو أجلس إلى قاصّ قال : شيع جنازتك قلت : وإن استعان بي رجل في حاجة أعينه أو أجلس إلى قاصّ قال : اذهب في حاجتك حتى جعله خيرا من مجالس الفراغ . فلو كانت مجالس الذكر عندهم هي مجالس القصّاص ولو كان القصص هو الذكر لما وسع الحسن أن يثبط عنه ولا يؤثر عليه كثيرا من الأعمال لأنه قد كان يدعو إلى الله تعالى بالتوحيد ويتكلم في علم المعرفة واليقين والذاكرين لله تعالى وحضور مجلس الذكر من مزيد الإيمان وقد رفع الله تعالى مقام الذاكرين فوق مقام المؤمنين في قوله تعالى : * ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِماتِ والْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِناتِ ) * [ الأحزاب : 35 ] . فجعل الذاكرين والذاكرات أعلى المقامات . وقد روينا في خبر أبي ذر حضور مجلس ذكر أفضل من صلاة ألف ركعة وحضور مجلس علم أفضل من عيادة ألف مريض وحضور مجلس علم أفضل من شهود ألف جنازة . قيل يا رسول الله ومن قراءة القرآن فقال : وهل تنفع قراءة القرآن إلا بعلم ؟ وقال بعض السلف : حضور مجلس ذكر يكفر عشرة من مجالس الباطل وأما عطاء فإنه قال مجلس ذكر يكفر سبعين مجلسا من مجالس اللهو وحدثونا عن معاذ الأعلم قال : رآني يونس بن عبيد وأنا في حلقة المعتزلة فقال تعالى فجئت فقال : إن كنت لا بد فاعلا فعليك بحلقة القصاص . وقد كان الحسن البصري أحد المذكرين وكانت مجالسه مجالس الذكر يخلو فيها مع إخوانه وأتباعه من النساك والعباد في بيته مثل مالك بن دينار وثابت البناني وأيوب السجستاني ومحمد بن واسه وفرقد السنجي وعبد الواحد بن زيد فيقول : هاتوا انشروا
268
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 268