نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 267
وقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في وصف الهداية حين تلا قوله عزّ وجلّ : * ( فَمَنْ يُرِدِ الله أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ) * [ الأنعام : 125 ] فقيل : يا رسول الله ما هذا الشرح ؟ فقال : إن النور إذا قذف في القلب انشرح له الصدر وانفسح . قيل : فهل لذلك من علامة ؟ قال : نعم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله فذكر سببه الزهد في الدنيا والإقبال على خدمة المولى وحسن التوفيق والإصابة في العلم مواهب من الله عزّ وجلّ وأثرة يختص بها من يشاء كما سئل أبو موسى الأشعري وهو أمير الكوفة عن رجل قتل في سبيل الله مقبلا غير مدبر أين هو ؟ فقال أبو موسى : في الجنة . فقال ابن مسعود للسائل : أعد على الأمير فتياك فلعله لم يفهم . قال السائل : قلت أيها الأمير ما قولك في رجل قاتل في سبيل الله فقتل مقبلا غير مدبر أين هو ؟ فقال أبو موسى : في الجنة . فقال ابن مسعود رضي الله عنه أعد على الأمير فلعله لم يفهم فأعاد عليه ثلاثا كل ذلك يقول أبو موسى في الجنة . ثم قال ما عندي غير هذا فما تقول أنت ؟ فقال ابن مسعود لكني لا أقول هكذا ، قال : فما قولك ؟ فقال : أقول إن قتل في سبيل الله فأصاب الحق فهو في الجنة فقال أبو موسى صدق لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهركم والقول في تسليم أخبار الصفات والسكوت عن تفسيرها كما قال أصحاب الحديث إلا أن بمعرفة معاني الأسماء والصفات وشهودها ينفي الظن والوسواس فيها وترك التشبيه والتمثيل بها والطمأنينة إلى اليقين بالمعرفة بمشاهدتها هو مقام الموقنين واعتقاد أنها صفات لله تعالى يتجلى بها وبما شاء من غيرها بلا حد ولا عدد يظهر بصفة صفة كيف شاء غير موقوف على صفة ولا محكوم عليه بصورة بلا إظهار غيرته بل هو كيف ظهر وبأي وصف تجلَّى مع نفي الكيفية والمثلية لفقد الجنس والجوهرية هو مقام المقربين من الشهداء . وهؤلاء هم الصديقون وخصوص الموقنين فمن عدل به عن وجهة هؤلاء ولم يواجه بشهادتهم عدل إلى التسليم والتصديق فوقف عنده فكان معقله واستراحته وليس بعد هؤلاء مقام يمدح ولا وصف يذكر فمن فتش ذلك بعقله وفسره برأيه دخل عليه التشبيه أو خرج إلى النفي والإبطال . ومن الدليل على فضل هذا العلم على سائر العلوم ما جاء في الأخبار المأثورة عن النبي صلَّى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين في فضل مجالس الذكر وفضل الذاكرين : إنما يريدون به علم الإيمان والمعرفة وعلوم المعاملات والتفقه في بصائر القلوب والنظر بعين اليقين إلى سرائر الغيوب وليس يريدون به مجالس القصص ولا يعنون بذلك القصاص لأنهم كانوا يرون القصص بدعة ويقولون لم يقص في زمن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ولا عمر حتى ظهرت
267
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 267