نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 266
يتوقف بعد ذلك إذا سئل عن شيء وسأله إنسان عن شيء فأجابه ثم قال ردوه فقال له : أعد عليّ فأعاد فقال : متطبب والله فرجع في جوابه ولعمري أنه قد جاء عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : من تطبب ولم يعلم منه طب فقتل فهو ضامن . وقد كان ابن عباس رضي الله عنه يقول : سلوا جابر بن زيد فلو نزل أهل البصرة على فتيا هل وسعهم وكان من صالحي التابعين . وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سئل عن شيء يقول : سلوا سعيد بن المسيب . وكان أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : سلوا مولانا الحسن فإنه قد حفظ ونسينا . وقال بعض البصريين : قدم علينا رجل من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فأتينا الحسن فقلنا ألا نذهب إلى هذا الصحابي فنسأله عن حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وتجيء معنا ؟ قال : نعم فاذهبوا . قال : فجعلنا نسأله عن حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وجعل يحدثنا حتى حدثنا عشرين حديثا قال : والحسن ينصت يستمع إليه . ثم جثا الحسن على ركبتيه فقال : يا صاحب رسول الله أخبرنا بتفسير ما رويت عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم حتى نفقة فيه . فسكت الصحابي وقال ما عندي إلا ما سمعت . قال : فابتدأ الحسن رحمه الله يفسر ما رواه . فقال : أما الحديث الأوّل الذي حدثتنا به فإن تفسيره كيت وكيت والحديث الثاني تفسيره كذا وكذا حتى سرد عليه الأحاديث كلها التي حدثنا بها وأخبرنا بتفسيرها . قال : فلا ندري نعجب من حسن حفظه إياه وأدائه الحديث أو من علمه وتفسيره . قال : فأخذ الصحابي كفا من حصى وحصينا به ثم قال : تسألوني عن العلم وهذا الحبر بين أظهركم فهؤلاء أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم يردون الأمور في الفتيا وعلم اللسان إلى من هو دونهم في القدر والمنزلة وهو في علم التوحيد والمعرفة والإيمان فوقهم درجات ولا يرجعون إليهم في الشبهات ولا يردون إليهم في علم المعرفة واليقين فهذا كما قيل : إنما العلم نور يقذفه الله تبارك وتعالى في قلوب أوليائه فقد يكون ذلك تفضيلا للنظراء بعضهم على بعض ، وقد يكون تخصيصا للشباب على الشيوخ ولمن جاء بعد السلف من التابعين وربما كان تكرمة للخاملين المتواضعين لينبه عليهم ويعرفون شأنهم ليعظموا ويرفعوا كما قال الله تعالى : * ( ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا في الأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ) * [ القصص : 5 ] والنور إذا جعل في الصدر انشرح القلب بالعلم ونظر باليقين فنطق اللسان بحقيقة البيان وهو الحكمة التي يودعها الله تعالى في قلوب أوليائه كما جاء في تفسير قوله عزّ وجلّ : * ( وآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وفَصْلَ الْخِطابِ ) * [ ص : 20 ] قيل : الإصابة في القول فكأنه يوفقه للحقيقة وقوله تعالى : * ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ من يَشاءُ ومن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) * [ البقرة : 269 ] قيل : الفهم والفطنة .
266
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 266