نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 265
ولكن أنّى له وكيف بنصيب غيره ؟ وقد جعل الله تعالى لكل عمل عاملا ولكل علم عالما أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب كل ميسر لما خلق له هذا فصل الخطاب بينهما فإن الأمة لم تختلف . إن علم التوحيد فريضة سيما إذا وقعت الشبهات وأدخلت فيه المشكلات وإنما اختلفوا في مسألتين أي شيء هو التوحيد وفي كيفية طلبه والتوصل إليه ، فمنهم من قال بالبحث والطلب ومنهم من يقول بالاستدلال والنظر ، ومنهم من قال بالسمع والأثر . وقال بعضهم : بالتوقيف والتسليم . وقال بعض الناس : يدرك دركه بالعجز والتقصير عن بلوغ دركه ، والرجل الخامس من العلماء هو صاحب حديث وآثار وناقل رواية الأخبار يقول لك إذا سألته اعتقد التسليم وأمر الحديث كما جاء ولا تفتيش وهذا يتلو المفتي في السلامة وهو أحسنهم طريقة وأشبههم بسلف العامة خليقة ليس عنده شهادة يقين ولا معرفة بحقيقة ما رآه ولا هو مشاهد واصف لمعنى ما نقله إنما هو للعلم رواية وللأثر والخبر ناقلة عن غير خبر يخبره ولا فقه في نقله فهو على بينة من ربه وليس يتلوه شاهد منه . وقد كان الزهري يقول : حدثني فلان ، وكان من أوعية العلم ولا يقول وكان عالما وكان مالك بن أنس رحمه الله يقول : أدركت سبعين شيخا من التابعين منهم عباد ومنهم مستجاب الدعاء ومنهم من يستسقى به ما حملت عنهم علما قط قيل : ولم ذاك قال لم يكونوا من أهل هذا الشأن وفي رواية لم يكونوا يدرون ما يحدثون به ولم يكن لهم فقه فيما يسألون عنه قال مالك وتقدم علينا ابن شهاب الزهري وهو حديث السن فنزدحم عليه حتى نصل إليه لأنه كان عالما بما يحدث به فهذا بمعنى ما روي عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : رب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه . وقال بعض السلف ما كانوا يعدون علم من لا يعرف اختلاف العلماء علما وقال آخرين : من لم يعرف اختلاف العلماء لم يحل له أن يفتي ولم يسمّ عالما وقال قتادة وسعيد بن جبير أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس وقيل للإمام أحمد رضي الله عنه إذا كتب الرجل مائة ألف حديث له أن يفتي . قال : لا . قيل : فمائتي ألف حديث قال : لا قيل فثلاثمائة ألف حديث قال أرجو وفي التوراة مكتوب الطبيب الحاذق للعلة الباطنة يصلح . وكتب سلمان الفارسي من المدائن إلى أبي الدرداء وكان قد آخى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بينهما فيمن آخى : يا أخي بلغني أنك أقعدت طبيبا تداوي المرضى فانظر فإن كنت طبيبا فتكلم فإن كلامك شفاء وإن كنت متطببا فاللَّه الله لا تقتل مسلما . قال : فكان أبو الدرداء
265
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 265