responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 218


لهم فترى من واجهته بوجهي لعلم أحد أي شيء أريد أن أعطيه لو كانت السماوات والأرض في موازينهم لاستقللتها لهم أوّل ما أعطيهم أن أقذف من نوري في قلوبهم فيخبرون عني كما أخبر عنهم وهذا هو ظاهر أوصافهم وأوّل عطاياهم فطلب هؤلاء لا يعرف ونصيبهم لا يكيف ومطلوبهم كنه قدره لا يوصف عطاؤهم غير مخلوق ومشاهدتهم وصف التحقيق بعين اليقين إلى حق اليقين فأول نصيبهم من مطلوبهم علم اليقين وهو صفاء المعرفة باللَّه تعالى وآخر علم الإيمان أول عين اليقين وهو مشاهدة وصف معروف وهذه وجهة التوحيد ولا آخر لأول علم اليقين ولا انقطاع لآخر نصيبهم من مشاهدتهم . فظاهر التوحيد توحيد الله تعالى في كل شيء وتوحيده بكل شيء ومشاهدة إِيجاده قبل كل شيء ولا نهاية لعلم التوحيد ولا غاية لمزيد عطاء الموحدين ولكن لهم نهايات يوقفون تحتها وغايات يصدرون عنها تجعل أماكن لمزيدهم ويزدادون في وسعها ويمدون بعلوم يطلبون بها ما يكاشفون به لما وراءها أبدا لا بديلا آخر ولا أمد ولا يصل العبد إلى مشاهدة علم التوحيد إلا بعلم المعرفة وهو نور اليقين ولا يعطي نور اليقين حتى تمخض الجوارح بالأعمال الصالحات ، كما يمخض الزق باللبن حتى تظهر الزبدة ، وهي اليقين . وليست هذه الزبدة غاية الطالبين ولا بغية الصديقين لأن وراءها صفوها وخالصها ثم تذاب هذه الزبدة حتى يخلص سمنها وهو صفوها ونهايتها وهذا مثل لعين اليقين بعد علمه وبعد مشاهدة الوجه بمرآة القرب وهي نوره فحينئذ لا يفارقه وجده وحضوره فيرفع العبد من خواطر اليقين إلى مشاهدة الصفات بعد ذوب علم الخواطر يتجوهر نور شعاع وجه الذات وهذا مقام الإحسان وإن الله لمع المحسنين بعد مجاهدتهم النفوس فيه وبيعها مع الأموال منه فأحسن إليهم باشترائها منهم وكان معهم كما قال سيجزيهم وصفهم فإنما كانوا محسنين لأن المحسن معهم كما كانوا أعلين إذ الأعلى معهم فقد قال : * ( وأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ والله مَعَكُمْ ) * [ محمد : 35 ] وسئل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال : أن تعبد الله كأنك تراه .
وينتقل العبد من أعمال الجوارح وهي المجاهدة التي طرح عليه ثقلها فحملها فتحمل فيما حمل وتحفظ له ما استحفظ إلى علم اليقين وهو الروح والرضا وهذا هو هداية السبيل . وأوّل هذا كله أن يدخل العبد بعد التوبة النصوحة في أحوال المريدين وأعمال المجاهدين للنفس والعدوّ ثم ينتقل إلى خواطر اليقين فهذا ميراث المجاهدين . كما قال :
* ( والَّذِينَ جاهَدُوا فِينا ) * [ العنكبوت : 69 ] يعني نفوسهم وأموالهم وجاهدوا عدوّهم إذ يعدهم الفقر ويأمرهم بالفحشاء فصابرهم فغلبوه فباعوا النفوس والأموال فأعتقوا من رق الهوى ونجوا من أهوال الحساب : * ( لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) * [ العنكبوت : 69 ] أي لنطرقنّهم إلى

218

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست