نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 217
قيل : الذين يعملون بما يعلمون . قال يوفقهم ويهديهم إلى ما لا يعلمون حتى يكونوا علماء حكماء . وقال بعض السلف : نزلت هذه الآية في المتعبدين المنقطعين إلى الله سبحانه وتعالى المستوحشين من الناس فيسوق الله تعالى إليهم من يعلمهم أو يلهمهم التوفيق والعصمة . وفي الخبر : من علم بما يعلم أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم و وفقه فيما يعمل حتى يستوجب الجنة ، ومن لم يعمل بما يعلم تاه فيما يعلم ولم يوفق فيما يعمل حتى يستوجب النار . فمعنى أورثه علم ما لم يعلم أي من علوم المعارف التي هي مواريث أعمال القلوب مثل الفرق بين الاختبار والاختيار والابتلاء والاجتباء والمثوبة والعقوبة ومعرفة النقص من المزيد والقبض والبسط والحل والعقد والجمع والتفرقة إلى غير ذلك من علوم العارفين بعد حس التفقه والأدب عن مشاهدة الرقيب والقرب لصحة المواجيد والقلوب . وقال بعض التابعين : من عمل بعشر ما يعلم علمه الله تعالى ما يجهل . وقد قال حذيفة : أنتم اليوم في زمان من ترك عشر ما يعلم هلك وسيأتي بعدكم زمان من عمل بعشر ما يعلم نجا . وقال بعضهم : كلما ازداد العبد عبادة واجتهادا ازداد القلب قوّة ونشاطا . وكلما ملّ العبد وفتر ازداد القلب ضعفا ووهنا . وليس يكاد علم اليقين يقدح في معدن العقل لأن علوم العقل مخلوقات ولا يكاد ينتجه الفكر ولا يخرجه التدبر فما أنتجته الأفكار واستخرجته الفطرة من الخواطر والعلوم فتلك علوم العقل وهي كشوف المؤمنين ومحمودات لأهل الدين فأما خاطر اليقين فإنه يظهر من عين اليقين ينادي به العبد مناداة ويبغته مفاجأة لأنه مخصوص به مراد مقصود به محبوب متولي به مطلوب لا يجده إلا عارف أو خائف أو محبّ ومن سوى هؤلاء فبحاله محجوب وبعاداته مطلوب وإلى مقامه ناظر وفي طريقه بمعقوله سائر فأما العارفون المواجهون بعين اليقين المكاشفون بعلم الصديقين فإنهم مسيرون محمولون سابقون مستهترون قد وضعت الأذكار عنهم الأوزار . كما جاء في الخبر : سيروا سبق المفردون بالفتح والمفردون أيضا بالكسر فهم مفردون لله تعالى بما أفردهم الله تعالى كما قال جلّ ذكره : * ( حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ الله ) * [ النساء : 34 ] . قيل : ومن المفردون ؟ قال : المستهترون بذكر الله وضع الذكر أوزارهم فوردوا القيامة خفافا . فلما أفردهم الله تعالى ممن سواهم له أفردوه عما سواه به فذكرهم فاستولى عليهم ذكره فاصطلم قلوبهم نوره تعالى فاندرج ذكرهم في ذكره فكان هو الذاكر لهم وكانوا هم المكان لمجاري قدرته عزّ وجلّ فلا يوزن مقدار هذا الذكر ولا يكتب كيفية هذا البر فلو وضعت السماوات والأرض في كفة لرجح ذكره تعالى لهم بهما وهم الذين قال
217
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 217