responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 216


لخفائه وغموض شواهده فليس يعلم إلا بباطن العلم وغامض الفهم والغوص على لطائف معاني التبيين وباطن الاستنباط من فهم التنزيل وتعليم التأويل كما قال الحبيب الخليل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لابن عباس : اللَّهم فقهه في الدين وعلمه التأويل . كما قال علي بن أبي طالب : ما عندنا شيء أسره إلينا رسول الله سوى كتاب الله تعالى إلا أن يؤتي الله تعالى عبدا فهما في كتابه . وكما جاء في تفسير قوله تعالى : * ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ من يَشاءُ ) * [ البقرة : 269 ] قال : الفهم في كتاب الله . وقال أصدق القائلين : * ( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ ) * [ الأنبياء : 79 ] فخصه بفهم منه زاده به فوق الحكم والعلم الذي شرك فيه أباه فزاده على فتيا أبيه .
وروينا عن علي عليه السلام في الحديث الطويل الذي يقول فيه : واليقين على أربع شعب ، على تبصرة الفطنة . وتأويل الحكمة ، وموعظة العبرة . وسنة الأوّلين . فمن تبصر الفطنة تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة كان في الأوّلين إلا أن أهل اليقين المرادين به العارفين بأحكام الله تعالى الباطنة يعلمون تفصيل خواطر اليقين ومقتضاها من حيث أشهدوا مطلعها من الغيب وبحيث عرفوا موجبها من الوصف بنور الله الثاقب وقربه الحاضر وسلطانه النافذ . كما جاء في الخبر : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله تعالى أي باليقين . وفي لفظ آخر : اتقوا فراسة العالم فكأنه مفسر له ومنه قوله تعالى : * ( إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) * [ الحجر : 75 ] وقوله : * ( قَدْ بَيَّنَّا الآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) * [ البقرة : 118 ] أي بنور اليقين . وكان أبو الدرداء يقول : المؤمن ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق والله إنه للحق يقذفه الله تعالى في قلوبهم ويجريه على ألسنتهم .
وقال بعض العلماء : ظن المؤمن كهانة أي كأنه سحر من نفاذه وصحة وقوعه . وقال بعض العلماء : يد الله تعالى على أفواه الحكماء لا ينطقون إلا بما هيأ الله عزّ وجلّ لهم من الحق . وقال آخر : لو شئت لقلت إن الله يطلع الخاشعين على بعض سره . وكتب عمر ابن الخطاب رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد : احفظوا ما تسمعون من المتعظين فإنهم ينجلي لهم أمور صادقة . وقال الله تعالى : * ( ومن أَصْدَقُ من الله قِيلًا ) * [ النساء : 87 ] : * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً ) * [ الأنفال : 29 ] قيل نور تفرقون به بين الشبهات ويقين تفرقون به المشكلات . ومن هذا قوله سبحانه وتعالى : * ( ومن يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ) * [ الطلاق : 2 ] قيل مخرجا من كل أمر ضاق على الناس ويرزقه من حيث لا يحتسب يعلمه علما بغير تعليم ويفطنه بغير تجربة أي بالشاهد الصحيح والحق الصريح . ومثله قوله تعالى : * ( والَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) * [ العنكبوت : 69 ]

216

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست