responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 181


جاهدت في سبيل الله وهاجرت إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وقتلت شهيدا . طوبى لك الجنة . فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : وما يدريك أنه في الجنة ؟ فلعله كان يتكلم فيما لا ينفعه أو يبخل بما لا يضره وفي لفظ آخر : لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ويبخل بما لا يغنيه . وفي الخبر : إن بعض الصحابة قال لرجل إنه لنئوم . فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : اغتبتم أخاكم سلوه أن يستغفر لكم . وفي خبر آخر : إنهم قالوا ما أعجز فلانا فقال : أكلتموه . وفي حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت لامرأة : ما أطول ذيلها وفي لفظ آخر قالت : إنها لقصيرة . فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم :
اغتبتها وفي خبر آخر : أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قال لها : لقد تكلمت بكلمة لو مزج بها ماء البحر لامتزج ، فهذا من وصف المبالغة في الشدة . وفي الخبر الجامع لهذه المعاني في وصف الغيبة ما روي عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : من قال في أخيه ما فيه فقد اغتابه .
وفي حديث أبان عن أنس عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : أشد من ذلك أنه قال الغيبة ما إن قلت في أخيك لم تزكه به فهذا نهاية القول من الشدة وغاية التشديد في الغيبة والغيبة اسم لغوي معناه شرعي مشتق من غيب الإنسان وفسرها رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أنها أن يقول العبد في أخيه ما فيه وعظمها بقوله هي أشد من الزنا . فمتى قال العبد لأخيه في غيبته ما يعلمه يقينا فيه مما لا يقوله بمحضره أو مما ينقصه به أو لا يزكيه فيه فقد اغتابه . فلو لم يكن في الصمت إلا السلامة من الغيبة لكان ذلك غنيمة موفورة . كيف وقد روي عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا ثلاثة أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، أو ذكر الله عزّ وجلّ . وأما مخالطة الناس فإنها تضعف العزم الذي كان قويا في أعمال البر وتحل العقد المبرم الذي استوطنه العبد في الخلوة لقلة المتعاونين على البر والتقوى وكثرة المتعاونين على الإثم والعدوان . وفي مخالطة الناس قوّة الطلب والحرص على عاجل الدنيا لما يعاين من إقبال أهلها عليه وفيه الفتور عن الخدمة بالنظر إلى أهل الغفلة والملل للطاعة بمجالسة أهل البطالة ونقصان حلاوة المعاملة وذهاب نور العلم وسرعة خروج الوجد بالفهم لاستماع كلام أهل الجهالة والنظر إلى الموتى من أبناء الدنيا كما روي عن عيسى عليه السلام : لا تجالسوا الموتى فتموت قلوبكم . قيل : ومن الموتى ؟ قال : المحبون للدنيا الراغبون فيها .
وقد كان الحسن يقول في قوله عزّ وجلّ : * ( وما يَسْتَوِي الأَحْياءُ ولا الأَمْواتُ ) * [ فاطر : 22 ] .
قال : الفقراء والأغنياء كان الفقراء حيوا بذكر الله عزّ وجلّ والأغنياء ماتوا على الدنيا .
وأعظم ما في مخالطة الناس ومجالسة أهل البطالة وذوي غفلتهم ضعف اليقين برؤيتهم ، وأضر ما ابتلي به العبد وأعمله في هلاكه وأشده لحجبه وإبعاده ضعف يقينه بما وعد به بالغيب وتوعد عليه في الشهادة وهذا أخوف ما خافه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم على أمته فيما روينا

181

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست