نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 180
وكثرة النوم . فأما النوم فإن في مداومته طول الغفلة وقلة العقل ونقصان الفطنة وسهوة القلب . وفي هذه الأشياء الفوت وفي الفوت الحسرة بعد الموت . وروينا عن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال : قالت أم سليمان بن داود لابنها : يا بني لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم تترك العبد فقيرا يوم القيامة وقيل كان شبان يتعبدون في بني إسرائيل فكانوا إذا حضر عشاؤهم قام فيهم عالمهم فقال : يا معشر المريدين لا تأكلوا كثيرا فتشربوا كثيرا فترقدوا كثيرا فتخسروا كثيرا . وكان بعض السلف يقول : أدنى أحوال المؤمن : الأكل والنوم ، وأفضل أحوال المنافق : الأكل والنوم . وقال بعض الناس لفيلسوف من الحكماء : صف لي شيئا أستعمله حتى أكون أنام النهار . فقال : يا هذا ما أضعف عقلك إن نصف عمرك نوم والنوم من الموت . تريد أن تجعل ثلاثة أرباعه نوما وربعه حياة ؟ قال : وكيف ؟ قال : أنت إذا عشت أربعين سنة فإنما هي عشرون سنة أ فتريد أن تجعلها عشر سنين ؟ وأما كثرة الكلام فإن فيه قلة الورع وعدم التقوى وطول الحساب وكثرة المطالبين وتعلق المظلومين وكثرة الأشهاد من الأملاك المكاتبين ودوام الإعراض من الملك الكريم ، لأن الكلام مفتاح كبائر اللسان ، فيه الكذب والغيبة والنميمة والبهتان ، وفيه شهادة الزور ، وفيه قذف المحصن والافتراء على الله تعالى والإيمان ، وفيه القول فيما لا يعني والخوض فيما لا ينفع . وقد جاء في الخبر : أكثر خطايا ابن آدم في لسانه وأكثر الناس ذنوبا يوم القيامة أكثرهم خوضا فيما لا يعنيه . وفي اللسان التزين والتصنع للخلق والتحريف والإحالة لمعاني الصدق ، وفيه المداهنة والمواراة والتملق لأهل الأهواء وفي اجتماع هذا على العبد شتات قلبه وفي شتاته تفريق همه ، وفي تفريق همه سقوطه من مقام المقربين . وفي وصية ابن عباس لمجاهد لا تمارينّ حليما ولا سفيها فإن الحليم يقلاك وإن السفيه يؤذيك . وفي الخبر : إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها أبعد ما بين السماء والأرض . وفي لفظ آخر ليتكلم بها فيهوي في جهنم سبعين خريفا . وقال لقمان لابنه : لأن تعيش أخرس يسيل لعابك على صدرك خير لك من أن تنطق في نادي القوم بما لا يعنيك . وفي خبر : من افتتح بكلمة سوء ثم خاض الناس في مثلها كان عليه مثل أوزارهم . وفي الخبر : لا يأتي بخبر السوء إلا رجل السوء . وحدثونا عن إبراهيم بن أدهم أنه كان إذا صحبه رجل فجاء بخبر سوء فارقه . وروينا في الحديث : من حدث بما سمعت أذناه ورأت عيناه كتبه الله تعالى من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا . وروينا عن علي رضي الله عنه : مذيع الفاحشة في الناس كفاعلها . وفي الخبر : إن بعض فقراء أهل الصفة استشهد في سبيل الله عزّ وجلّ فقالت أمه : هنيئا لك في الجنة
180
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 180