نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 179
الخصال الأربع وبها صار الإبدال إبدالا : إخماص البطون ، والصمت ، واعتزال الخلق ، وسهر الليل . وحدثت عن عبد العزيز عن سهل رحمه الله قال : مخالطة الولي للناس ذلّ وتفرّده عزّ وقلّ ما رأيت وليّا لله عزّ وجلّ إلا منفردا . وقال بعض العارفين : الأنس بالوحدة علامة وجود الطريق فمن علامة صدق الإرادة بعد صحة التوبة وقوة العزم على الاستقامة إيثار هذه الأربع التي ذكرناه على أضدادها ووجود القلب عندها وانشراح الصدر بها وحسن الخلق معها لأن ضدها هو أبواب الدنيا ومفاتيح الغفلة وطرقات الهوى . من ذلك فإن في الشبع قسوة القلب وظلمته وفي ذلك قوّة صفات النفس وانتشار حظوظها وفي قوّتها وبسطها ضعف الإيمان وخمود أنواره وفي ضعف النفس وخمود طبعها قوة الإيمان واتساع شعاع أنوار اليقين وفي ذلك قرب العبد من القريب ومجالسته للحبيب والشبع مفتاح الرغبة في الدنيا . وقال بعض الصحابة : أول بدعة حدثت بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الشبع إذ القوم لما شبعت بطونهم جمحت بهم شهواتهم . وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وأصحابه يجوعون من غير إعواز أي مختارين لذلك . وقال ابن عمر : ما شبعت منذ قتل عثمان رضي الله عنه . وقال هذا في زمن الحجاج . وفي حديث أبي حجيفة لما تجشأ عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقال له : « اكفف عنا جشاءك فإن أطولكم شبعا في الدنيا ، أكثركم جوعا في الآخرة » . فقال : والله ما تمليت طعاما من يومئذ إلى يومي هذا ، وأرجو أن يعصمني الله عزّ وجلّ فيما بقي . ويستحب على هذا أن يكون جوع العبد في الدنيا أكثر من شبعه وهي علامة الأولياء . فمن كان له أكلة بين جوعتين إلى منتهاهما فجوعه حينئذ أكثر من شبعه ، ومن كان له بعد جوعة بالغة شبعة متوسطة فقد اعتدل شبعه وأكله وجوعه ، ومن أكل في يوم مرتين أو أكل من غير جوع ثم شبع فشبعه أكثر من جوعه ، وهذا مكروه ، وكل من أكل بعد الجوع ، ورفع يده قبل الشبع فجوعه أكثر من شبعه وهذا أوسط الأحوال . وقال هشام عن الحسن : والله لقد أدركت أقواما كانوا لا يشبعون يأكل أحدهم حتى إذا رد نفسه أمسك ذائبا ناحلا مقبلا على نية يعيش عمره كله ما طوى له ثوب قط ولا أمر أهله بصنعة طعام قط ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا قط . وقال جعفر بن حيان عن الحسن : المؤمن لا يأكل في كل بطنه ، ولا تزال وصيته تحت جنبه . وروينا عن الثوري : خصلتان تقسيان القلب ، طول الشبع ، وكثرة الكلام . وروينا عن مكحول خصال ثلاث يحبها الله عزّ وجلّ وثلاث يبغضها الله عزّ وجلّ . فأما اللاتي يحبها : فقلة الأكل ، وقلة النوم ، وقلة الكلام . وأما اللاتي يبغض : فكثرة الأكل ، وكثرة الكلام ،
179
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 179