responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 172


وقد قال الله تعالى فيما عتب على نبيه صلَّى الله عليه وسلم ووعظه وزجره في قوله تعالى : * ( عَبَسَ وتَوَلَّى . أَنْ جاءَهُ الأَعْمى . وما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ) * [ عبس : 1 - 2 - 3 ] . يقال إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لم يغتم في عمره كغمه حين أنزل عليه سورة عبس لأن فيها عتبا شديدا على مثله لأنه الحبيب الرشيد ومع ذلك لم يقصده في الخطاب فيكون أيسر للعتاب بل كشف ذلك للمؤمنين ونبّه على فعله عباده المتقين لأن معنى قوله عبس وتولى : أي انظروا أيها المؤمنون ، أو اعجبوا إلى الذي عبس وتولى أن جاءه الأعمى . ولذلك روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه أن بعض المنافقين يؤم قومه فكان لا يقرأ بهم إلا بسورة عبس فأرسل فضرب عنقه يستدل بذلك على كفره ليضع من الرسول صلَّى الله عليه وسلم بذلك عنده وعند قومه ومثله قوله عزّ وجلّ عاتبا على رسوله صلَّى الله عليه وسلم : * ( عَفَا الله عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ) * [ التوبة : 43 ] ونحوه : * ( لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ ) * [ التحريم : 1 ] وبمعناه قوله عزّ وجلّ : * ( وتُخْفِي في نَفْسِكَ ما الله مُبْدِيهِ وتَخْشَى النَّاسَ والله أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) * [ الأحزاب : 37 ] حتى قالت عائشة رضي الله عنها : لو كتم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم شيئا من القرآن كتم هذه الآية . ومن أعجب ما سمعت في هذا المعنى ما حدثونا ففي الإسرائيليات عن وهب بن منبه اليماني أن سليمان بن داود عليهما السلام لما قبضه الله عزّ وجلّ خلف رجالا من ولده يعمرون بيت المقدس ويعظمونه برهة من الدهر حتى خلفه بعدهم رجل من ولد سليمان فخالف طريقة آبائه وترك شريعتهم وتكبر في الأرض وطغى وقال بني جدي داود وأبي سليمان مسجدا فما لي لا أبني مسجدا مثل ما بنوا وأدعو الناس إلى شريعتي كما دعوا فبنى مسجدا يضاهي به بيت المقدس وادعى على الله عزّ وجلّ أنه أمره بذلك وصرف الناس إليه وبذل لهم الأموال وأخرب مسجد بيت المقدس وهجره فدخل الناس في دينه رغبة ورهبة . قال : فابتعث الله نبيّا من بعض أهل القرى فقال : اركب أتانك هذه وأت هؤلاء القوم أحفل ما يكونون فناد في مسجدهم ومجمعهم بأعلى صوتك : يا مسجد الضرار إن الله عزّ وجلّ حلف باسمه ليوحشنك من عمارك وليقتلنّ أهلك فيك وليشدخنّهم بخشبك وجندلك ولتلغن الكلاب دماءهم وتأكل لحومهم فيك وناد في المدينة بأعلى صوتك بمثل ذلك ولا تأكل ولا تشرب ولا تستظل ولا تنزل عن أتانك هذه حتى ترجع إلى قريتك التي خرجت منها قال ففعل ذلك فثار الناس إليه يضربونه بالخشب ويشجونه بالحجارة وهو على أتانه لا ينزل عنها فناله على ذلك أذى كثير وضرب عظيم ثم كرّ راجعا في آخر النهار يؤمّ قريته التي خرج منها وقد أدّى الرسالة وصبر على الضرب والبلاء لله عزّ وجلّ فلما كان ببعض الطريق سمع به نبي آخر كان في بعض القرى استقبله وسلم عليه

172

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست