responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 170


ثلاث . قال : وما هي ؟ قال : قد تجسست وقد نهاك الله عزّ وجلّ عن ذلك وتسوّرت وقد قال الله عزّ وجلّ : * ( ولَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ من ظُهُورِها ) * [ البقرة : 189 ] ودخلت بغير إذن وقد قال الله عزّ وجلّ : * ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ) * [ النور : 27 ] . فقال عمر : صدقت فهل أنت غافر لي ذلك فقال : غفر الله لك فخرج عمر وهو يبكي حتى علا نشيجه وهو يقول : ويل لعمر إن لم يغفر الله له . تجد الرجل كان يتخفى بهذا عن ولده وجاره فالآن يقول : رآني أمير المؤمنين ونحو ذلك . وجاء في الخبر :
إذا دعي أحدكم إلى طعام فإن كان مفطرا فليجب وإن كان صائما فليقل إني صائم . فأمره بإظهار عمله وهو يعلم أن الإخفاء أفضل ولكن إظهار عمله من حيث لا يؤثر في قلب أخيه وجدا أفضل من إخفائه لنفسه مع تأثير ذلك في قلب أخيه لتفضيل المؤمن وحرمته على الأعمال إذ الأعمال موقوفة على العامل وإنما يعطى الثواب على قدر العامل لا على قدر العمل لتضعيف الجزاء لمن يشاء على غيره في العمل الواحد فدل ذلك أن المؤمن أفضل من العمل فقيل له : ارفع التأثير والكراهة عن قلب أخيك بإظهار عملك فهو خير لك من إخفاء العمل مع وجد أخيك عليك لأن أخاك إذا دعاك إلى طعام صنعه لك فلم تجبه ولم تعتذر إليه عذرا بيّنا يقبله منك ويعرفه شق عليه إن كان صادقا في دعائك .
وبمعنى هذا من خفي الأعمال ما يحكى عن بعض السلف أنه كان يكون في الجماعة فيقرأ في نفسه سرّا لئلا يطلع على أعماله أحد فإذا مرّ بآية فيها سجدة سجد بين الملإ فكنا نعرف بسجوده أنه يقرأ فلعل فارغا قليل الفقه يقول : إن هذا قد أظهر عمله إذ فعل ما يدل عليه فلو ترك السجود ليخفي عمله كان أفضل لأنه قد أظهر ما أخفاه فهذا يدل على جهله بالمعاملة . وقد سمعت بعض العلماء يطعن على هذا بفعله بمعنى ما ذكرناه من القول وهكذا يكون علم المريدين القصيرين العلم وليس الأمر كما قدره هذا المنكر بسجوده بل القائل المنكر لفعله قليل الفقه بدقائق الإخلاص جاهل بطريقة العاملين من العارفين والعامل الذي نقل عنه هذا الفعل فقيه مخلص وذلك لأنه قد حاز الفضلين معا لأنه كان فاضلا فيما أخفى إذ ابتدأ عمله بالخفية فلما جاء السجود الذي لا يكون إلا ظاهرا لم يصلح أن يترك قربة إلى الله عزّ وجلّ من أجل الناس فكان يسجد كما أمر به ويقرأ كما ندب إليه فصار فاضلا في الحال الثاني لأنه أظهر لأجل الله عزّ وجلّ كما أخفى لأجله ولأنه ترك مراقبة الناس ولم يترك عمله لأجلهم ولو كان الفضل في ترك السجود لإخفاء العمل كان الأفضل لمن دخل عليه في منزله وهو يصلي أن يقعد لأجلهم .
وقد وردت السنة في ذلك أن له أجرين : أجر السر وأجر العلانية . كيف وقد كانوا

170

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست