نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 169
عزّ وجلّ هاهنا أبلغ في مرضاته وأثوب له في آخرته . وفي هذا الحديث دليل أن الخبر إذا ورد في أمر كان على جملة عمومه وكلية ما تعلق به حتى تخص السنة أو الإجماع بعض شأنه ومن ذلك أن قول الله عزّ وجلّ : * ( اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ) * [ الأنفال : 24 ] . إن ظاهره مقصور على الاستجابة للرسول لله بالإيمان بالطاعة في أوامر القرآن لا الإجابة له في التصويت خاصة في الصلاة وهذا هو الذي حمله أبو سعيد ابن المعلى عليه وتأوله من الآية فأشكل عليه . ومثل هذا فعل عمار في التيمم لما نزلت آية الإباحة للتيمم في صلاة الفجر وهم في سفر . فقال عزّ وجلّ : * ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وأَيْدِيكُمْ ) * [ النساء : 43 ] ولم يكن يسمع من النبي صلَّى الله عليه وسلم في تخصيص بعض اليد شيئا قال : فتيممنا إلى المناكب واستوعب جملة اليد لعموم الخطاب حتى أخبر النبي صلَّى الله عليه وسلم بذلك فأمرهم بالتيمم إلى المرفقين . وفي خبر : إلى الزندين باختلاف الروايتين فخص بعض اليد فلذلك اختلف العلماء في تبعيض اليد في المسح وكذلك العمل فيما ورد مجملا أن يستعمل في الجملة حتى تخصه السنة . فمن ذلك ما روي أن رجلين على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم تآخيا في العبادة فاعتزلا الناس فقال أحدهما لصاحبه : هلم اليوم فلننفرد عن الناس ونلزم الصمت فلا نكلم من يكلمنا فإنه أبلغ في عبادتنا . قال : فاعتزلا في خلوة وصمتا فمر بهما رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فسلم عليهما فلم يردا عليه السلام . قال : فسمعناه يقول حين جاوزنا : هلك المتعمقون المتنطعون فاعتذرا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وتابا من ذلك إلى الله عزّ وجلّ . ومثل ذلك ما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعس ذات ليلة فنظر إلى مصباح أبيض في خلل باب فاطلع فإذا قوم على شراب لهم فلم يدر كيف يصنع فدخل المسجد فأخرج عبد الرحمن بن عوف فجاء به إلى الباب فنظر وقال له : كيف ترى أن نعمل ؟ فقال : أرى والله أنا قد أتينا ما نهانا الله عنه لأنّا تجسسنا على عورة فاطلعنا عليها وقد سترها الله دوننا وما كان لنا أن نكشف ستر الله عزّ وجلّ . فقال : ما أراك إلا قد صدقت سبعا ما أنفذ عنك فانصرفنا . وفي لفظ آخر أنه قال له : أرى أنّا قد عصينا الله ورسوله ونهانا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن التجسس فقال : صدقت فأخذ بيده وانصرف . ورينا نحو هذا أن عمر رضي الله عنه كان يعس ليلة مع ابن مسعود فاطلع من خلل الباب فإذا شيخ بين زق خمر وقينة تغنيه فتسور عليه وقال : ما أقبح بشيخ مثلك أن يكون على مثل هذه الحال . فقام إليه الرجل فقال : يا أمير المؤمنين أنشدك الله ألا أنصفتني حتى أتكلم فقال له : قل فقال : إن كنت قد عصيت الله عزّ وجلّ في واحدة فقد عصيته أنت في
169
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 169