responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 168


ووَجَدَ الله عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ ) * [ النور : 39 ] .
وقد كان أبو محمد يقول لا يبلغ العبد منازل الصديقين حقيقة من هذا الأمر حتى يكون فيه هذه الأربع : أداء الفرائض بالسنة ، وأكل الحلال بالورع ، واجتناب النهي في الظاهر والباطن ، والصبر على ذلك إلى الممات ، وكان الحسن يقول : والله ما لعمل المؤمن انتهاء دون الموت والله ما المؤمن الذي يعمل الشهر والشهرين والسنة والسنتين إنما المؤمن المداوم على أمر الله ، الخائف من مكر الله ، إنما الإيمان شدة في لين وعزم في يقين واجتهاد في صبر وعلم في زهد وكان عمر رضي الله عنه إذا تلا قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقامُوا ) * [ الأحقاف : 13 ] يقول قد قالها الناس ثم رجعوا ، فمن استقام على أمر الله في السر والعلانية والعسر واليسر ولم يخف في الله لومة لائم وقال مرة استقاموا والله لربهم ولم يروغوا روغان الثعالب . وقال بعض العلماء : من كان طلب الفضائل أهم إليه من أداء الفرائض فهو مخدوع ومن شغل بغيره عن نفسه فقد مكر به .
وقال سفيان الثوري وغيره : إنما حرموا الوصول بتضييع الأصول فأفضل شيء للعبد معرفته بنفسه ووقوفه على حده وأحكامه لحاله التي أقيم فيها ، فابتداؤه بالعمل بما افترض عليه بعد اجتنابه ما نهى عنه بعلم لم يدبره في جميع ذلك وورع يحجزه عن الهوى في ذلك ولا يشتغل بطلب فضل حتى يفرغ من فرض لأن الفضل لا يصح إلا بعد حوز السلامة كما لا يخلص الربح للتاجر إلا بعد حصول رأس المال فمن تعذرت عليه السلامة كان من الفضل أبعد وإلى الاغترار أقرب وقد تلتبس الفضائل بالفرائض لدقة معانيها وخفي علومها فيقدم العبد النفل وهو يحسب أنه الواجب ، فمن ذلك أن أبا سعيد رافع بن المعلى كان قائما يصلي فدعاه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فلم يجبه فظن أن وقوفه بين يدي الله عزّ وجلّ بالغيب أفضل له فلما سلم جاءه فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : ما منعك أن تجيبني حين دعوتك فقال : كنت أصلي فقال : ألم تسمع الله عزّ وجلّ يقول : * ( اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ) * [ الأنفال : 24 ] فكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم دعاه وهو في الصلاة ليفيده باطن العلم أو لينظر مبلغ علمه كيف يعمل وكان إجابته لرسول الله صلَّى الله عليه وسلم أفضل من صلاته لأن صلاته نافلة له فهو مطيع الله عزّ وجلّ في الغيب باختياره وإجابته لرسول الله صلَّى الله عليه وسلم أفضل من صلاته لأنها فريضة عليه فهو مطيع لله تعالى في الشهادة بإيجابه ففضل استجابته لرسول الله صلَّى الله عليه وسلم على صلاته لنفسه كفضل الفرض على النفل . وقد قال سبحانه : * ( من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله ) * [ النساء : 80 ] وقال تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله ) * [ الفتح :
10 ] والله تعالى معه في المكانين معا وهو عند الرسول عليه السلام على يقين . فعبادة الله

168

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست