نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 162
أشد من محاسبة الشريك لشريكه . وقد قال بعض العلماء : من علامة المقت أن يكون العبد ذاكرا لعيوب غيره ناسيا لعيوب نفسه ماقتا للناس على الظن محبا لنفسه على اليقين وترك محاسبة النفس ومراقبة الرقيب من طول الغفلة عن الله عزّ وجلّ والغافلون في الدنيا هم الخاسرون في العقبي لأن العاقبة للمتقين قال الله عزّ وجلّ : * ( وأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ ) * [ النحل : 108 ] لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون وطول الغفلة من العبد عن طبائع القلب من المعبود والغفلة في الظاهر غلاف القلب في الباطن . تقول العرب غفله وغلفه بمعنى كما تقول جذب وجبذ وخشاف وخفاش وطبائع القلب عن ترادف الذنب بعضه فوق بعض وهو الران الذي يتعقب الكسب فيكون عقوبة له . قال الله تعالى : * ( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) * [ المطففين : 14 ] . قيل : الكاسب الخبيثة وأكل الحرام . وفي التفسير : هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب . وأصل الرين الميل والغلبة وهو التغطية أيضا . يقال : ران عليه النعاس إذا غلبه ورانت الخمر على عقله أي غطته . ومن هذا قول عمر رضي الله عنه في سابق الحاج فادّان معرضا فأصبح وقد رين به أي مال به الدين فغلبه . وأصل ترادف الذنوب من إغفال المراقبة وإهمال المحاسبة وتأخير التوبة والتسويف بالاستقامة وترك الاستغفار والندم . وأصل ذلك كله هو حب الدنيا وإيثارها على أمر الله عزّ وجلّ وغلبة الهوى على القلب . ألم نسمع إلى قوله عزّ وجلّ : * ( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الآخِرَةِ ) * [ النحل : 107 ] إلى قوله عز وجل : * ( أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ الله عَلى قُلُوبِهِمْ ) * [ النحل : 108 ] وقال في دليل الخطاب : * ( ونَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ) * [ النازعات : 40 ] يعني عن إيثار الدنيا لأن صريح الكلام وقع في وصفهم بالطغيان وإيثار الحياة الدنيا ، ثم قال : * ( طَبَعَ الله عَلى قُلُوبِهِمْ واتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ ) * [ محمد : 16 ] ، فاتباع الهوى عن طبائع القلب وطبائع القلب عن عقوبة الذنب وميراث العقاب الصمم عن فهم الخطاب . أما سمعته يقول : لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون وقد جعل علي رضي الله عنه الغفلة مقاما من مقامات الكفر فقال في حديثه الطويل : فقام إليه سلمان فقال : أخبرنا عن الكفر على ما بني فقال : على أربع مقامات : على الشك ، والجفاء ، والغفلة ، والعمى . فإذا كثرت غفلة القلب قل إلهام الملك للعبد وهو سمع القلب لأن طول الغفلة يصمه عن السمع وعدم سمع الكلام من الملك عقوبة الخطايا وتثبيت الملك للعبد على الخير والطاعة وحي من الله عزّ وجلّ إليهم وتفضيل للعبد . أما سمعت قول الله عزّ وجلّ : * ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ) * [ الأنفال : 12 ] . وفي الخبر : إن آدم عليه السلام حجب عن سمع
162
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 162