responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 161


وروينا عن علي رضي الله عنه : أنه قال كل يوم لا يعصى الله عزّ وجلّ فيه فهو لنا عيد وكان الحسن إذا تلا قوله تعالى : * ( كُلُوا واشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ في الأَيَّامِ الْخالِيَةِ ) * .
[ الحاقة : 24 ] قال : يا إخواني هي والله أيامكم هذه فاقطعوها بالجد والاجتهاد ولا تضيعوها فخلوها فراغا من حسن المعاملة وبطالتك فيها عن الشغل بمعادك المحصول عليك منها . كما قال المبطلون : يا حسرتنا على ما فرطنا فيها يعني في الأيام الخالية التي هي محصولهم ومرجعهم ومثواهم . وكما قالت النفس الأمارة بالسوء : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله يعني أيام الدنيا التي ضيعت العمر فيها فخلت من الثواب والجزاء غدا ، وهذا أحد الوجهين في قوله الأيام الخالية ، والوجه الآخر الخالية أي الماضية خلت أوقاتها وخلدت أحكامها وذهبت شهواتها وبقيت عقوباتها فإن قصرت عن هذه المحاسبة للحسيب ولم يكن لك مقام المراقبة للرقيب ولا مكان المحاسبة للحبيب فلا يفوتنّك مقام الورعين ولا تبن عن حال التائبين وهو أن تجعل لك وردين في اليوم والليلة لمحاسبة النفس وموافقتها مرة بعد صلاة الضحى لما مضى من ليلتك وما سلف من غفلتك ، فإن رأيت نعمة شكرت الله وإن رأيت بلية استغفرت فإن وجدت في حالك أوصاف المؤمنين التي وصفهم الله عزّ وجلّ ومدحهم عليها رجوت وطمعت واستبشرت ، وإن وجدت من قلبك وحالك وصفا من أوصاف المنافقين أو خلقا من أخلاق الجاهلين التي ذمهم الله عزّ وجلّ بها ومقتهم عليها حزنت وأشفقت وتبت من ذلك واستغفرت ، والمرة الثانية أن تحاسب نفسك بعد الوتر وقبل النوم لما مضى من يومك من طول غفلتك وسوء معاملتك وما فعلته من أعمالك كيف فعلتها وما تركته من سكوتك وصمتك لم تركته ولمن تركته فتنعقد الزيادة والنقصان وتعرف بذلك التكلف والإخلاص من حركتك وسكونك فما تحركت فيه وسكنت لأجل الله عزّ وجلّ به فهو الإخلاص ثوابك فيه على الله عزّ وجلّ عند مرجعك إليه فاعمل في الشكر على نعمة التوفيق وحسن العصمة من التهلكة وما سكنت فيه أو تحركت لهواك وعاجل دنياك فهو التكلف ، الذي أخبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أنه هو والأتقياء من أمته برآء من التكلف وقد استوجبت فيه العقاب عند نشر الحساب إلا أن يغفر المولى الكريم الوهاب فاعمل حينئذ في الاستغفار بعد حسن التوبة وجميل الاعتذار وخف أن يكون قد وكلك إلى نفسك فتهلك . فلعل مشاهدة هذين المعنيين من خوف ما سلف منك والطمع في قبول ما أسلفت يمنعك من المنام ويطرد عنك الغفلة فتحيي ليلتك بالقيام فتكون ممن وصف الله عزّ وجلّ في قوله : * ( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وطَمَعاً ) * [ السجدة : 16 ] . وقد قال بعض السلف : كان أحدهم يحاسب نفسه

161

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست