نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 146
إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ ) * [ المؤمنون : 60 ] ، أي لأجل يقينهم بمرجعهم إليه خافوه وأشفقوا وآمنوا به وأخلصوا وأتوه نفوسهم وأموالهم فهذا كقوله في الكلام المختصر : * ( واتَّقُوا الله واعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) * [ البقرة : 223 ] فللخائفين الأمن من الخوف عند اللقاء وحسن المنقلب والبشرى بالقرب لديه والزلفى . فصورة المحاسبة أن يقف العبد وقفة عند ظهور الهمة وابتداء الحركة ثم يميز الخاطر وهو حركة القلب والاضطراب وهو تصرف الجسم فإن كان ما خطر به الخاطر من الهمة التي تقتضي نية أو عقدا أو عزما أو فعلا أو سعيا إن كان لله عزّ وجلّ وبه وفيه معنى لله عزّ وجلّ أي خالصا لأجله ومعنى به أي بمشاهدة قربه لا بمقاربة نفسه وهواه ومعنى فيه أي في سبيله وطلب رضاه عنه وما ندب عنده أمضاه وسارع في تنفيذه وإن كان لعاجل دنيا أو عارض هوى أو لهو وغفلة سرى بطبع البشرية ووصف الجبلية نفاه وسارع في نفيه ولم يمكن الخاطر من قلبه بالإصغاء إليه والمحادثة له فيولد فيه هما رديا يصعب عليه بعد حين طرحه وينتج منه فكرا دنيّا يعسر بعد وقت نفيه ويؤثر ذلك في قلبه أثرا يستبين له بعد حين فعله . معنى قولنا : إن كان الله تعالى أي خالصا لأجله ومعنى قولنا به أي بمشاهدة قربه لا بمقارنة نفسه ووصفه وهواه ومعنى قولنا فيه أي في سبيله وطلب ما عنده لا لأجل عاجل حظه فإن اشتبه عليه الخاطر فلم ينكشف له ما ورد به أ محمود هو لله عزّ وجلّ فيه رضاه وعلى العبد فيه سبق وتنفيذ أم مكروه وليس لله فيه محبة وللعبد في نفيه مزيد وقربة فيكون أشكال ذلك لأحد معان ثلاث ، ضعف يقين عن نقص معرفة بالمبتلى ، أو قلة علم عن جهل بغامض الحكم الباطل ، أو لغلبة هوى كامن في النفس متولد من طبائع الحس . وقد قال بعض العلماء : ليس العالم الذي يعرف الخير من الشر هذا العاقل يعرفه ولكن العالم من يعرف خير الشرين يعني يفعله إذا اضطر إليه وعرف شر الخيرين يعني فاجتنبه لما يؤول إليه واعلم أن حكم الله فيما اشتبه من الأمور الإمساك والوقوف وأن لا يقدم العبد على ذلك بعقد ولا عزم إن كان من أعمال القلوب ولا يمضي ذلك بفعل ولا سعي إن كان من عمل الجوارح بل يقف ويوقف الأمر حتى يتبين له وهو صورة الورع لأن الورع هو الجبن والتأخر عن الإقدام على المشكلات وعن الهجوم في الشبهات لا بقول ولا بفعل ولا بعقد حتى تنكشف وانكشافها بغامض العلم لغموضها وتدقيق معرفة المعاني لدقتها وخفائها كما جاء في الخبر : أعلم الناس أعرفهم بالحق إذا اختلف الناس . وعن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم : إن الله عزّ وجلّ يحب البصير الناقد عند ورود الشبهات والعقل الكامل عند هجوم الشهوات . وجاء عن ابن مسعود في وصف كثرة الشبهات : أنتم اليوم في زمان خيركم فيه
146
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 146