responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 147


المسارع وسيأتي عليكم زمان يكون خيركم فيه المتثبت كما وقف طائفة من الصحابة عن القتال مع أهل العراق وأهل الشام لما أشكل عليه الحال منهم سعد وابن عمر وأسامة ومحمد بن مسلمة وغيرهم . فمن لم يتوقف عند الشبهات وأقدم عليها كان متبعا لهواه معجبا برأيه وهذا من معنى الخبر الذي جاء في ذم من كان هذا وصفه . فإذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك فلم يذم بوجود الشح لأنه صفة النفس وإنما ذم من أطاع النفس في شحّها بإمساك محبوبها على إيثار محبة الله عزّ وجلّ من الإنفاق ومثله وهوى متبع فلم يغب بوجود الهوى لأنه روح النفس مستكن فيها وإنما عيب باتباعه وكذلك قوله : وإعجاب كل ذي رأي برأيه لم ينقصه بوجود رأيه ممّا رآه من الأمر لأنه نتيجة عقله وثمرة فهمه وإنما نقصه بنظره إليه وإدلاله به دون سبق نظره إلى من أراه وبنور هداه وبإيثار رأيه على رأي من هو أعلم منه أو بأن يزري على رأي غيره افتخارا برأيه . وقد قال الله عزّ وجلّ : * ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) * [ النجم : 32 ] وقد وصف أهل الرأي من أوليائه في قوله عزّ وجلّ : * ( إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) * [ الحجر : 75 ] . وقال تعالى : * ( عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا ومن اتَّبَعَنِي ) * [ يوسف : 108 ] . وجاء في الأثر : ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المؤمنون قبيحا فهو عند الله قبيح . وجاء : أنتم شهداء الله في أرضه . وعن بعض السلف : أفضل العبادة الرأي الحسن ، فأما ما أشكل لتجاذب الأمثال ولم يتبين لك إلى أي مثل ترده فالورع أن تقف ولا تمضي حتى ينكشف ، وأما ما اشتبه لقصور العلم بالاستدلال فالعلم فيه أن تعرف الأصلين من الحرام والحلال ثم ترده إلى أشبههما به وهذا ظاهر مثل ما أحلت طائفة النظر إلى الغلام الجميل لأنه ذكر فتحتاج إلى أن ترده إلى أحد الأصلين لأنه مشتبه قال الله عزّ وجلّ :
* ( انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ ) * [ الأنعام : 99 ] . وقال : * ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا من أَبْصارِهِمْ ) * [ النور : 30 ] فكان هذا الأصل أشبه لوجود الجنس ومثله الاستماع إلى القصائد أي إنشاد الشعر المباح فكان الاستماع إلى القرآن حلالا والاستماع إلى الغناء حراما وكانت القصائد بالغناء أشبه فكرهناه لغير أهله . وكذلك القول في تلحين القرآن : إذا جاوز الحد في مد المقصور وقصر الممدود مكروه لشبهه بالأغاني ومثل لبس القطن ولبس الحرير فكرهنا لبس الملحم والعمل به لأنه بالحرير أشبه لما فيه منه فأما الإقدام على الأمور الغامضة مما لم ينكشف للأسماع فلم يظهر للأبصار فإن القلوب تسأل عن عقود سوء الظن بها والقطع بظاهر الأمر عليها وهو معنى قول الله عزّ وجلّ عن قفو ما لم يبين علمه إذا لم يجعل من علم العبد وتهدده عليه بمسأة الجوارح عنه في قوله تعالى : * ( ولا تَقْفُ ما لَيْسَ

147

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست