responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 438


الزهد لأن الإمساك علامة الرغبة ، والرغبة ضدّ الزهد فكيف يوصف بالشيء وضدّه في حال قائمة . فالممسك للشيء المتوهّم للزهد فيه بإظهار نفسه ذلك بأحد وصفين ، إما أن لا يعرفه الزهد أو لا يعرف خفي شهوة النفس ، هذا إن لم يموّه على الراغبين والمخرج لقلبه عنه هو المتحقق بالزهد فيه ، وهذا هو الذي وصف الله تعالى به إخوة يوسف ، والممسك للشيء المغتبط به الذي همّه فيه وقلبه عاكف عليه هو المتحقق بالرغبة فيه ، وهذا وصف عزيز مصرفي يوسف لما اشتراه فحققه الله تبارك وتعالى بالرغبة فيه لاقتنائه له فقال مخبرا عنه بعد ما اشتراه : أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا . وكذلك وصف امرأة فرعون في رغبتها في موسى عليه السلام بقولها قرّة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا . فكذلك كل من أمل شيئا ادخره لنفسه لا يكون زاهدا فيه حتى يخرجه عن يده وقلبه إذ لم يكن ذلك وصف إخوة يوسف الزاهدين فيه إلا بعد أن أخرجوه استصغارا له وتعوّضوا منه .
بيان آخر مستنبط من الكتاب اعلم أن زهد إخوة يوسف عليهم السلام في أخيهم قد كان يقارب زهدهم في يوسف عليه السلام لأنه كان نظيره عند أبيه وقد كانوا همّوا بالزهد فيه أيضا ليخلو لهم وجه أبيهم منهما . ألم تسمع إلى قولهم : ليوسف وأخوه أحبّ إلى أبينا منّا . وكذلك جاء في الخبر : إنهم أرادوا أن يلقوا أخاه معه في الجب حتى ألقى نفسه عليه يهوذا فشفع فيه فرحمه ومنعهم منه وكان شديدا منهم منيعا مهيبا فيهم . وقد قيل إنه استوهبه منهم وقال : دعوه يكون فيه سلوة للشيخ الكبير لا تفجعوه بهما ولا تفقدوه إياهما معا فوهبوه له ثم إنّ الله تعالى لم يقل مع إرادتهم لذلك وهمّهم به وكانوا فيهما من الزاهدين من قبل أنهم لم يتحققوا بالزهد فيه كالزهد في أخيه لأنه كان في أيديهم لم يخرجوه فكذلك أنت إذا كان الشيء موجودا عندك وأنت ممسكه لنفسك ثم توهمت أنك زاهد فيه لخواطر الإرادة أو لإرادة الزهد فقد كذبت على نفسك بتمسكك إياها زاهدا وكذبتك نفسك بوجودها جهلا منها بالعلم زهدا أو كذب وجدك على العلم جهلا منك بربك عزّ وجلّ أو موّهت على نفس غيرك ممن لا يعرف الزهد ، وهذا زهد منك في الزهد ورغبة منك أيضا في الدنيا حتى يخرج الشيء الذي تظنّ أنك زهدت فيه وتعتاض منه محبة الله تعالى وطلب مرضاته تبارك وتعالى أو ما عنده من ثوابه . فحينئذ يصحّ زهدك فيه على العلم ، وعند العلماء فتكون صادقا . فهناك وصفك الزاهد بالزهد وسمّاك الزاهدون زاهدا . فأما إذا لم يكن الشيء موجودا لك فإن زهدك فيما لا تملك لا يصحّ والزهد في معدوم باطل من

438

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 438
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست