نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 437
< فهرس الموضوعات > وصف آخر من البيان والتفصيل < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > ذكر بيان حقيقة الزهد وتفصيل أحكامه ووصف الزاهد < / فهرس الموضوعات > وصف آخر من البيان والتفصيل لما حقق الله تعالى الزهد بغنى النفس وإخراج المال في ذكر المبيع والمشتري في قوله تعالى : * ( يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ ) * [ التوبة : 111 ] وكان الزهد هو ترك طاعة الهوى وبيع النفس بنهيها عنه من المولى . وكان العوض من ذلك الجنة ، كان الزاهد هو الخائف مقام ربه البائع نفسه طوعا قبل أن يخرج نفسه إليه كرها . وكان الله تبارك وتعالى هو المحبوب له القريب منه فصار العبد محبّا له ، فجعله من المقرّبين عنده تعالى ، وإذا كانت الدنيا هي طاعة الهوى وحبّ الحياة الدنيّة لمتعة النفس الشهوانية كان الراغب في ذلك آمنا لمكر الله تعالى مشتريا للحياة الدنيا بائعا بذلك الحياة العليا فلم يكن محبّا له ، وكان من المبعدين عنه بسوء اختياره وحقّ عليه الخسران والجحيم في الآخرة لأنه ضد الزاهد المقرّب الظافر بدار القرب في جوار الحبيب القريب . ذكر بيان حقيقة الزهد وتفصيل أحكامه ووصف الزاهد اعلم أن الزهد يكون بمعنيين ، إن كان الشيء موجودا فالزهد فيه إخراجه وخروج القلب منه ولا يصحّ الزهد فيه مع تبقيته للنفس لأن ذلك دليل الرغبة فيه ، وهذا زهد الأغنياء ، وإن لم يكن موجودا وكان العدم هو الحال فالزهد هو الغبطة به والرضا بالفقد ، وهذا هو زهد الفقراء . وكذلك القول في الزهد في ترك الهوى لا يصحّ إلا بعد الابتلاء به والقدرة عليه . ألم تر أن إخوة يوسف عليهم السلام هموا بالزهد فيه بقولهم : ليوسف وأخوه أحبّ إلى أبينا منا لم يسمّهم الله تعالى زاهدين وتكلَّموا بالزهد فيه بقولهم : اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم ولم يسموا زاهدين . وأرادوا الزهد فيه بقولهم : أرسله معنا غدا يرتع ويلعب ، ولم يتحققوا بالزهد فيه وعزموا على الزهد فيه وأجمعوا عليه ولم يسمّهم الله تعالى زاهدين مع قوله تعالى مخبرا عنهم : * ( فَلَمَّا ذَهَبُوا به وأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ في غَيابَتِ الْجُبِّ ) * [ يوسف : 15 ] لأن هذا كلَّه من أسباب الزهد ومقدّماته قد يلتبس ويشكل على من لا يعرف حقيقة الزهد فيظنه زهدا وليس هو زهدا لأنه في أيديهم فلما خرج من أيديهم واعتاضوا منه سواه حقّ زهدهم فيه فقال تعالى مخبرا عن حقيقتهم وشروه أي باعوه : * ( وكانُوا فِيهِ من الزَّاهِدِينَ ) * [ يوسف : 20 ] وكذلك الثوب تهمّ ببيعه وتريد بيعه ويغلب عليك بيعه ولا تكون زاهدا ولكن تكون موصوفا بالإرادة للزهد حتى تبيعه وتعتاض منه فحينئذ حقّ زهدك فيه . ففي تدبر الخطاب من قوله : وكانوا فيه من الزاهدين أن من أخرج الشيء من يده طوعا ونفسه تتبعه فله مقام في الزهد بالمجاهدة ، ومن أمسك الشيء وأظهرت نفسه الزهد فيه بالإرادة والهمّة فلا مقام له في
437
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 437