responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 439


قبل أن تصرفك لا يصحّ فيما لا تملك . فكذلك لا يصحّ زهدك فيه . ولعلَّه لو كان موجودا تغير قلبك به وتقلَّب فيه إذ ليس الخبر كالمعاينة لأن الخبر قد يشتبه ويوهم والمعاينة تكشف الحقيقة وتحكم على الخلقة ولأن النفس ذات بدوات لما طبعت عليه من حب المتعة بالرفاهية فكذلك لا يجعل ظنّا معدوما كيقين موجود إذ لو كان كيف كان الأمر ولكن قد يكون لك مقام من الزهد في المعدوم بقيامك بشرطه وهو أن لا تحب وجود الشيء ولا تأسى على فقده أو تكون مغتبطا بعدمك مسرورا بفقرك يعلم الله تعالى ذلك من غيبك ويطلع على سرّك أنك لا تفرح بوجوده لو وجدته وتخرجه إن دخل عليك وإن قلبك قانع باللَّه سبحانه وتعالى راض عن الله تعالى بحالك التي هي العدم من الدنيا غير محبّ للاستبدال بها من الغنى بصدق يقينك بفضيلة الزهد . فإذا كنت بهذا الوصف حسب لك جميع ذلك زهدا وكان لك بأحد هذه المعاني ثواب الزاهدين وإن لم تكن للدنيا واجدا وهذا زهد الفقراء الصادقين وهو التحقق بالفقر .
وقد قال بعضهم : حقيقة الفقير أن يكون مغتبطا بفقره خائفا أن يسلب الفقر كما يكون الغني مغتبطا بغناه يخاف الفقر ، وقد كان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول : إذا قيل له إنك زاهد قال : إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز جاءته الدنيا وملكها فزهد فيها . فأما أنا ففي أي شيء زهدت ؟ وقد يصحّ الزهد للعارف في الشيء مع وجحه عنده إذا لم يقتنيه لمتعة نفسه ولم يتملكه ويسكن إليه بل كان موقوفا في خزانة الله سبحانه وتعالى ، التي هي يده منتظرا حكم الله تعالى فيه ومحنة ذلك استواء وجوده وعدمه والمسارعة إذا رأى حكم الله تعالى إلى تنفيذه فيكون في ذلك كأنه لغيره من عيلته أو إخوانه أو سبيل من سبيل الله تعالى . وهذا المقام زائد على الزهد فكذلك لم يخرج منه بل كان مخصوصا فيه بخصوص وهو أيضا مقام من التوكل وبيان آخر مستنبط من السنّة في ماهية الزهد أي شيء هو الزهد أيضا تقليل الدنيا وتقريبها واحتقارها بالقلب واستصغارها . من ذلك الخبر الذي جاء في ساعة يوم الجمعة أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال : هي في آخر ساعة قال : وجعل يزهدها يقللها أي يقرب وقتها ويدينه من الغروب . والمعنى الآخر في الخبر الثاني من قول النبي صلَّى الله عليه وسلم لعليّ رضي الله عنه لما نزلت آية الأمر بالصدقة لمناجاة الرسول صلَّى الله عليه وسلم فقال له : كم ترى أن نجعل عليهم من الصدقة مقدمة للمناجاة فقال شعيرة من ذهب قال إنك لزهيد أي مقلَّل مصغر للدنيا ولكن نجعل عليهم دينارا . وزهيد كأنه معدول من زاهد للمبالغة في الوصف بالزهد كما عدل شهيد من شاهد ومجيد من ماجد وكما عدل عليهم وقدير ورحيم من عالم وقادر وراحم للمبالغة في العلم والقدرة والرحمة .

439

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 439
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست