responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 432


حتى تكون رغبتهم فيما عندي واحلولي لأعدائي حتى يكرهوا لقائي . وفي حديث عائشة رضي الله عنها : من أحبّ لقاء الله تعالى أحبّ الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله تعالى كره الله لقاءه ، فهذه الآثار كلها ، قاصمة لظهر أبناء الدنيا ، مسخنة لعين محبّيها وأضدادها من الأخبار الحسني في فضل الزهد وشرف الفقر ، رافعة لرؤس الفقراء الصادقين ، وقرّة عين الصالحين لله عزّ وجلّ الزاهدين ، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون . وأصل الرغبة في الدنيا من ضعف اليقين لأن العبد لو قوي يقينه نظر بنوره إلى الآجل فغاب في نظره العاجل فزهد فيما غاب وأحبّ الحاضر فآثر ما هو أعود عليه وأبقى وأنفع له ولمولاه ، أرضى وقدم ما يفنى وينقطع إلى ما يدوم ويتصل ، وهذا هو صورة الزهد وشهادة الموقن وإن الحاضر لا يحبّ ما غاب وانتقل : ألم تر إلى وصفه عزّ وجلّ لإبراهيم وليكون من الموقنين قال : لا أحبّ الآفلين . والموقن مأمور باتباع ملَّة إبراهيم بقوله تعالى :
* ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ ) * [ الحج : 78 ] أي عليكم ملَّة أبيكم إبراهيم واتبعوا ملَّته وليس يشهد الوعد والوعيد الآجل بنور العقل إنما يشهد بنور اليقين على أنّا نقول : إن الأنوار أربعة والقلب موجه جهات أربعة إلى الملك والملكوت وإلى العزّ والجبروت ، فبنور العقل يشهد الملك ، وبنور الإيمان يشهد الملكوت وهو الآخرة ، وبنور اليقين يشهد العزة وهي الصفات ، وبنور المعرفة يشهد الجبروت وهو الوحدانية ، والجبار تعالى فوق القلب محيط به يكاشفه بما شاء فيغلب عليه وجد ما أشهده ، وضعف اليقين قد يدخل في كلّ شيء ، وقوة اليقين تحتاج إليه في كلّ عمل وإلا فهو دنيا يهتدي إليه بنور العقل . فمن لم يعط نور اليقين لم ير الملك الكبير فاستهواه الملك الصغير فأحبّ لا شيء فلم تكن همّته في العلوّ ولا عنده الأعلى شيئا .
ذكر ماهية الزهد أيّ شيء هو ليس يمكن عبد أن يعرف الزهد حتى يعرف الدنيا أيّ شيء هي . فقد قال الناس في الزهد أشياء كثيرة ونحن غير محتاجين إلى ذكر أقوالهم بما بيّن الله تعالى وأغنى بكتابه الذي جعل فيه الشفاء والغنى . وقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : هو الحبل المتين والصراط المستقيم من طلب الهدى في غيره أضلَّه الله وقال سبحانه تعالى : * ( وما اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ من شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله ) * [ الشورى : 10 ] وقال عزّ وعلا : * ( فَهَدَى الله الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ من الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ) * [ البقرة :
213 ] فقد ذكر الله جلّ اسمه في كتابه : إن الدنيا سبعة أشياء وهو قوله تعالى : * ( زُيِّنَ

432

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست