responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 433


لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ من النِّساءِ والْبَنِينَ والْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ من الذَّهَبِ والْفِضَّةِ والْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ والأَنْعامِ والْحَرْثِ ) * [ آل عمران : 14 ] .
ثم قال تعالى في آخرها : * ( ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا ) * [ آل عمران : 14 ] ووصف حبّ الشهوات بالتزيّن ثم نسق الأوصاف السبعة على الحبّ لها ثم أشار لها . بقوله تعالى ذلك فذا إشارة إلى الكاف والكاف كناية عن المذكور المتقدّم المنسوق واللام بين ذا والكاف للتمكين والتوكيد فحصل من تدبر الخطاب أن هذه السبعة جملة الدنيا وأن هذه الدنيا هذه الأوصاف السبعة . وما تفرع من الشهوات ردّ إلى أصل من هذه الجمل . فمن أحبّ جميعها فقد أحبّ جملة الدنيا نهاية الحبّ ومن أحبّ أصلا منها أو فرعا من أصل فقد أحبّ بعض الدنيا فعلمنا بنص الكلام أن الشهوة دنيا وفهمنا من دليله أن الحاجات ليست بدنيا لأنه تقع ضرورات فإذا لم تكن الحاجة دنيا دلّ أنه لا تسمّى شهوة ، وإن كانت قد تشتهي لأن الشهوة دنيا . ولتفرقة الأسماء لإيقاع الأحكام عليها . واستند ذلك إلى خبر رويناه عن الله سبحانه وتعالى في الإسرائيليات : إن إبراهيم صلوات الله عليه أصابته حاجة فذهب إلى صديق يستقرض منه شيئا فلم يقرضه فرجع مغموما فأوحى الله تعالى إليه : لو سألت خليلك لأعطاك فقال : يا ربّ عرفت مقتك للدنيا فخشيت أن أسألك منها فتمقتني فأوحى الله تعالى إليه : ليس الحاجة من الدنيا ثم سمعناه تعالى وجلّ قد ردّ هذه السبعة الأوصاف في مكان آخر إلى خمسة معان فقال جلّ من قائل : * ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ ولَهْوٌ وزِينَةٌ وتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وتَكاثُرٌ ) * فهذه الخمسة هي وصف من أحبّ تلك السبعة .
ثم اختصر الخمسة في معنيين منها هما جامعان للسبعة فقال : « أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ ولَهْوٌ » ، ثم ردّ الاثنين إلى وصف واحد وعبّر عنه بمعنيين فصارت الدنيا ترجع إلى شيئين جامعين مختصرين يصلح أن يكون كلّ واحد منهما هو الدنيا . فالوصف الواحد الذي ردّ الاثنين إليه اللذان هما اللعب واللهو هو الهوى اندرجت السبعة فيه .
فقال عزّ وجلّ : * ( ونَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ) * [ النازعات : 40 - 41 ] فصارت الدنيا طاعة النفس للهوى بدليل قوله تعالى : * ( فَأَمَّا من طَغى . وآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا . فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى ) * [ النازعات : 37 - 38 - 39 ] . فلما كانت الجنة ضد الجحيم كان الهوى هو الدنيا لأن النهي عنه صدّ الإيثار له . فمن نهى نفسه عن الهوى فإنه لم يؤثر الدنيا وإذا لم يؤثر الدنيا فهذا هو الزهد ، كانت له الجنة التي هي ضد الجحيم التي هي لم ينه نفسه عن الهوى بإيثاره الدنيا فصارت الدنيا هي طاعة الهوى

433

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 433
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست