responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة الغفران نویسنده : أبي العلاء المعري    جلد : 1  صفحه : 8


ويمدحه بشعر لا يفقه منه الخازن شيئاً . وبعد طول عناء يدخل الجنة ويجتمع بشعرائها ويناقشهم فيما قالوا في الدار الفانية ويسأل كل من يلاقيه هذا السؤال : « بم غفر الله لك ؟ » ويطل على جهنم ويسأل من فيها : « لِمَ لم يغفر الله لك ؟ » .
ولهذا تسمى رسالته برسالة الغفران .
ويسوق المعري كلامه بقالب غامض فيه حشد من الألفاظ الغريبة لا يستطيع القارئ المضي في مطالعتها دون أن يجول جولة طويلة في المعاجم ، لقد حشد في الرسالة ثروة ضخمة من الألفاظ حتى لا تكاد توجد لفظة معجمية إلا أحياها في رسالته هذه ، كأنه كان يريد ان يعمي على الناس فلا يفهم اغراضه فيها غير النخبة من العلماء . والغريب في أمره أنه تعرض للجن وأورد طائفة مما نسب إليهم من الشعر وكأنه فعلاً من شعر الجن في غرابة ألفاظه وتركيبه . وظاهر الكلام في الرسالة جد ، وباطنه هزل .
ويختلف الناس في سبب كتابة هذه الرسالة وعندي أن المعري كان يحمل ثروة ضخمة من علم اللغة والدين والفلسفة مما عرفه عصره من ألوان الثقافات المختلفة ، وكأني به اناء امتلأ ماء فلا بد له ان يفيض ، ففاض المعري بما عنده من المعلومات وذكر ما اشتمل عليه صدره . ثم إن الرجل كان ضريراً انكفأت مداركه إلى عالم باطن فجعل يتصور ما يمر بذهنه فجمع ذلك كله وألف بينه فكانت منه رسالة الغفران . وثمّت شيء آخر وهو ان المعري كان رجلاً متشككاً يريد أن يفهم مشاكل الحياة وما بعدها فهماً عقلياً ، فيعجز تارة عن ذلك فيثور ويهيج ، وتارة يرضخ للقضاء ويستكين ، إلا أن المعري لم يتقرر عنده الايمان بوجود الجنة أو النار فشك في الحشر وأحواله من ثواب وعذاب ، وكان يتمنى في قرارة نفسه أن تصدق الأخبار عن الجنة والنار فيكون هو من المحسنين الذين يستحقون جنات النعيم ، ولما لم يتحقق من امكان الخلود تخيله في رسالة الغفران على نحو ما جاء في القرآن وفي الحديث وفي الأخبار عن الجنة والنار . وانما كان سياقه فيها على سبيل الهزل المبطن إذ يجري مناقشات بين الشعراء تجر إلى الملاحاة كالمناقشة التي دارت بين الأعشى والجعدي إذ يقول هذا للأعشى : ( يا

8

نام کتاب : رسالة الغفران نویسنده : أبي العلاء المعري    جلد : 1  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست